«أنا مش نبى/ لكنى باسعى عشان أكون/ يا دوب بشر/ من يوم ما ع الدنيا وعيت/ وأنا مش سعيد/ وكان مدرس الإنجليزى فى الصعيد/ راجل كشر/ وكان يقول: يا عيال سعيد يعنى happy / فنقول وراه/ الكلمة تخرج من حلوقنا ع الشفاه/ ولا عمرها دخلت قلوب»..
هذا جزء من قصيدة «سعيد يعنى happy» للشاعر الصعيدى عمر نجم، التى كلما قرأتها كأنها المرة الأولى التى أقرأها فيها/ وعمر نجم شاعر ولد فى سوهاج 1956.. وعاش تجربة فنية خاصة به خلفت أربعة دواوين شعرية هى «وف حواريكى الحقيقة، سعيد يعنى happy، غياب الحضور.. حضور الغياب، تغريبة عمر نجم».. ورحل فى 1995.. وتمت طباعة أعماله الكاملة فى الهيئة المصرية العامة للكتاب 2012.
وكان مدرس الإنجليزى فى الصعيد/ راجل كشر/ وكان يقول/ يا عيال.. سعيد يعنى Happy/ فنقول وراه/ الكلمة تخرج من حلوقنا ع الشفاه/ ولا عمرها دخلت قلوب.
والتاريخ الثقافى للصعيد يحتاج إلى كتابات كثيرة ومتنوعة، بحيث يمكننا إنتاج تاريخ مواز لتاريخ وجغرافية الصعيد، بعيدا عن الذى نراه على شاشات التلفزيون من تلفيق وادعاء.
أنا مش نبى/ لكن فى ليلة/ من بنات ليلى الطويل الغيهبى/ شفت الرسول/ الأمى طه ابن مكة اليعربى/ البدر يومها فى السما/ كان مكتمل/ فارد جناحه ع النجوم/ حِبين/ مفيش بينهم كلام غير القٌبل/ أما الرسول/ فكأنه فى يوم هجرته/ لمدينته زاحف بالجمل/ اللى حمل/ على السنام أغلى البشر/ وكان تهامى وكان قمر/ أجمل ما شفته فى المنام/ وجهه المليح/ من جبهته/ كان الندا طارح سنا/ حلفته بالحبشى بلال/ وندهته ساعة الآدان/ قلة حنان/ يرتوى منها العطش فوق الجبال/ وأحلى غنا/ حلفته بعيسى المسيح/ أن يستريح إلى جوارى لحظة/ كى يستريح/ قلبى المتيم والدبيح/ من عبيره ميت سنة».
وتنوعت مصادر الشجن بعد ذلك، وتجاوز الأمر المتعلق بالسعادة طور الطفولة فشغل الشاعر نفسه، كمعظم أبناء جيله، وشغل شعره بالقضايا الكبرى التى طرحتها الساحة السياسية والثقافية فى الثمانينيات والتسعينيات «إسرائيل وفلسطين والتخاذل العربى، ودور مصر والإنسان العربى فى كل هذا» هذه القضايا الكبرى، وهذا الالتزام طرح جماليات خاصة بالقصيدة عموما وبالفن وبالقصيدة العامية بشكل خاص، منها ما يتعلق بالغنائية والحنين، واستدعاء التراث وغير ذلك.
صحيت عيونى وارتجفت بارتعاش/ ولو أنى لسه فى المنام/ ورجعت من تانى جنين/ وكأنه فى لحظة ما عاش/ إلا برىء/ ملهوش طريق غير الحنين/ لملمت روحى بالانكماش/ ورا الحيطان الضيقين/ اللى بتسندها النواية/ ومعرشينها بالصفيح/ أجمل ما شفته فى المنام/ وجهه المليح..
ويظل عمر نجم حاضرا بشعره وكتاباته فى القصيدة العامية التى يجسد بها وجع الغلابة، وفى الأغنية التى يهون بها غربته وغربة الإنسان.