كلما وقع فعل إرهابى لا تمنع نفسك من سؤال: من هؤلاء الإرهابيون؟ وكيف تم تكوينهم وتشكيلهم؟ ومن أين استمدوا غلظة القلب وغفلة الروح، هل هم مرضى نفسيون أم أنهم باعوا إنسانيتهم للشيطان؟
منذ فترة كنت قد قرأت كتابا قدمته جريدة القاهرة بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية للأستاذ الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق، بعنوان «التفسير النفسى للتطرف والإرهاب»، وهنا سوف أعيد ما نشرته من قبل، لأن الموقف يحتاج أن نقرأه مرة ثانية.
وفى هذا الكتاب نقاط كثيرة تصلح للتوقف أمامها، لكن ما يهمنا الآن هو ما رآه الباحثون عن الحالة النفسية للإرهابى، يقول الدكتور شاكر: إن هذا الأمر فيه خلاف، فكثير من الباحثين يرون أن المتطرفين عدائيون وجامحون ومختلون، وأنهم يقتلون بدم بارد، وأنهم ضد الحضارة والتقدم وأشرار، بينما يذهب فريق آخر إلى أنه لا توجد سمات خاصة تميز الإرهابيين عن غيرهم، وأن محاولة وصف الإرهابيين بهذه الصفات السلبية يمثل محاولة لإلصاق وصمات نفسية مرضية خاصة بهم ويمثل أيضا نوعا من الابتعاد عن الطريق الصحيح.
لكن مع هذا يرى الدكتور شاكر عبدالحميد أن هناك بعض الخصائص المميزة للمتطرفين، وإن كان يعترف بصعوبة التعميم، هذه الخصائص منها أن قادة هذه الجماعات غالبا ما ينتمون إلى طبقات اجتماعية متوسطة أو أعلى من المتوسط، وكذلك من مستويات تعليمية مرتفعة «طلاب الهندسة والطب فى مصر مثلا»، ومع تطور هذه الجماعات يظهر قادة جدد لم يكونوا بالضرورة من مثل هذه المستويات الاجتماعية والاقتصادية أو التعليمية.
ويؤكد شاكر عبدالحميد أن انتماء شخص ما لجماعة ما ليس معناه أن يقوم بإلغاء شخصيته تماما، فمثلما يتأثر هو بمعاييرها وقيمها وشروطها، قد يقوم هو أيضا بالتأثير فيها من خلال طرحه لأفكار جديدة قد يعتبرها قادة الجماعة مفيدة وذات تأثير إيجابى محتمل على وجودها واستمرارها.
ومع ذلك، فإن الدكتور شاكر عبدالحميد يعتمد دراسة للباحث السياسى والاجتماعى الأمريكى ليرد ويلكوكس ضمن مشروع «خدم جرائم الكراهية» وقد حدد عددا من الخصائص التى رأى أنها تصف هذه الجماعات أكثر من غيرها، وهذه الخصائص التى يصل عددها إلى 21 هى: الاغتيال المعنوى للشخصيات، إطلاق التسميات والألقاب، إطلاق التعميمات، عدم توفر البراهين الكافية من الوصول إلى تأكيدات معينة، التبنى للمعاير المزدوجة، الميل إلى النظر إلى خصومهم ومنتقديهم على أنهم أشرار بطبيعتهم، الرؤية الثنائية الضدية للعالم، التأييد لوجود درجة معينة من الرقابة أو الكبت لخصومهم ومنتقديهم.
كذلك من هذه السمات الميل إلى تعريف أنفسهم فى ضوء تعريف عدوهم لنفسه من يكرهونه ومن يكرههم، الميل إلى الجدل وطرح القضايا من خلال التخويف والترهيب والتهديد، الاستخدام للشعارات والكلمات الطنانة والعبارات الرنانة والأكلشيهات التى توقف التفكير المنطقى، الافتراض الخاص بتفوقهم أخلاقيا، التفكير المتعلق بيوم الحساب أو الدينونة، الاعتقاد بأنه من الجيد أحيانا القيام بأشياء سيئة من أجل قضية عادلة، التركيز على الاستجابات الانفعالية والاتفاق والتركيز على نحو أقل على المنطق والتحليل، الحساسية العالية والتنبه، الاستخدام لمنطق ما ورأى من أجل تبرير معتقداتهم وأفعالهم، مشكلات التحمل للغموض وفقدان اليقين، الميل إلى استخدام ما يسمى الفكرة أو الرأى الجمعى، الميل إلى شخصنة العداء، الشعور بأن النظام لا يكون جيدا إلا عندما يكسبون هم أو يفوزون.