حاورت مئات المتهمين ـ باعتبارى محرراً للشئون الأمنية ـ وقفت خلالها على عشرات القصص الإنسانية، وتفاصيل مثيرة باح بها المتهمون، فى مشاهد سبقت فيها دموعهم حروفهم.
وبعيدا عن غلظة قلوب بعض الجناة، ونوعية الجرائم الخطرة التى ارتكبها المتهمون تبقى تفاصيل ومواقف طريفة عالقة فى ذهن الجناة أثناء ارتكابهم للجرائم، حرصت على اقتناصها منهم.
أتذكر أننى حاورت متهماً قبل نحو 7 سنوات من الآن، كان متهماً بقتل عشيق زوجته فى الحوامدية جنوب الجيزة، فسألته كيفية اكتشاف خيانة الزوجة، فأكد لى أنه عاد فجأة من السفر ودخل الشقة بمفتاحه فخرجت له زوجته بملابسها الداخلية مرتبكة، وأصرت أن تشغله فى صالة الشقة وقتا طويلا، ولم يعتقد أنها استضافت عشيقها بغرفة نومه، مؤكداً أن العشيق قد حول هاتفه المحمول للوضع "صامت"، خوفاً من فضحه حال اتصال أى شخص به، وقد مكث أسفل السرير عدة ساعات، ولحظه السيئ فقد نسى أن يغلق الـ"vibration" وعندما اتصل به أحد الأشخاص سمعت هزة أسفل السرير، فاكتشفت وجوده فقتلته وهربت زوجتى.
التقيت متهما آخر قتل زوجته فى كرداسة، ونزل الشارع واشترى منشارا، وقطع جسدها وسافر عدة قرى مجاورة ليلقى كل جزء من جسدها فى مكان مختلف، وعندما سألته عن السر فى ذلك، أكد لى أنها خانته، بالرغم من أنها عاهدته أن تصون عرضها، فكان السؤال التالى: أين تعرفت عليها؟ فأجابنى أنه تعرف عليها داخل شقة "دعارة" كان يتردد عليها، فمازاحته: "يعنى ما اتعرفتش عليها فى جامع!! أنت مستغرب ليه من خيانتها بقى؟!".
كان لى جلسات عديدة مع اللص التائب "محمد راشد" الذى ارتكب عشرات الجرائم، فحكى لى أنه تسلل لشقة مسئول كبير فى الدولة منذ عشرات السنوات، وفتش داخل شقته فلم يجد ما يسرقه، وعندما باءت كل محاولاته بالفشل تسلل للمطبخ فلم يجد شيئا خفيف الوزن يستحق السرقة، ففتح الثلاجة ليأكل فلم يجد بها سوى المياه، فنزل من الشقة وتوجه لسوبر ماركت فى الشارع واشترى كميات من المأكولات وعاد لشقة المسئول ووضعها بثلاجته، قائلاً: "والله صِعب علىّ".
من المواقف الطريفة للجناة ما رصدته مباحث الأموال العامة مؤخراً من بيع متهم أراض ملك الدولة لمواطنين فى سوهاج، على غرار فيلم العتبة الخضراء للفنان الكبير إسماعيل يس.
فبالرغم من مشاهد الدم والقتل والسرقات، تبقى أجزاء طريفة فى كل جريمة، تؤكد أن عدداً كبيرا من المواطنين ظرفاء بطبيعة حالهم، لدرجة أن اللص قبل تسلله لمكان السرقة، يردد: "استرها يا رب".