«اللى يحبك يبلعلك الظلط واللى يكرهك يتمنالك الغلط»، وكارهو الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم كثر، ويتمنون له الغلط، بل يتصيدونه له أحيانًا، الوزير رسم لنفسه طريقاً يصر على أن يقطعه حتى آخره من أجل إصلاح التعليم، لكن آخرين يرونه طريق غير مضمون، وأن الوزير لم يدرسه جيدًا ولم يحسب مخاطره، الوزير مقتنع بأفكاره ويراها الأفضل لصناعة جيل المستقبل، لكن المعارضين له يرونه يخاطر بأجيال كاملة.
الوزير يعلم أنه سيواجه مشاكل ويصطدم بمعوقات ورفض لفكرته، بدرك أن مسألة التعليم من المصريين ليست إصلاح بقدر ما هى نجاح ومجموع وكليات قمة، ويصر على أن يغير هذه الثقافة، يؤمن الوزير أنه بما يفعله يستهدف مصلحة الأسرة، سيرحمها من فاتورة الدروس الخصوصية التى تعدت 120 مليار جنيه سنويًا، ويوفر عليها متاعب سنوات كاملة من القلق والخوف، بسبب كابوس اسمه الثانوية العامة.
لكن كل هذا لا يقتنع به المعارضون، بل يرون الوزير حالما أكثر من اللازم، وأن من سيدفع الثمن هم الأبناء والأسر.
بعض المعارضين للوزير تحولوا إلى مترصدين له، فيتابعونه فى كل مكان ومناسبة ليمسكوا له الغلط، وعندما تحدث الوزير من وهمية الجانبة لم يمنحوا أنفسهم حتى فرصة سؤاله من قصده وإنما نقلوا عنه ما اعتبروه كفرًا بواقع مصرى، قدموا الوزير وكأنه خارج مرحلة المجانية التى ندين بها جميعًا وليس لدينا، استعداد للتضحية بها.
خلاف على أن الوزير على قدر نواياه الطيبة وفكره الراقى، لكن رغم ذلك تنقصه بعض الحنكة السياسية التى تجعله يخسر كثيرون ممن حوله، صاحب رؤية لكنه ليس صاحب خبرة فى التعامل، ويحتاج لتصحيح بعض أخطاءه التى تفسد خطواته الإصلاحية للتعليم، عليه مثلاً أن يزيد مساحة الحوار مع المختلفين، وينفتح أكثر مع أبناء المهنة وخبرائها، لكن كل هذا لا يعنى أن يترصد البعض لوزير لدرجة التقول عليه بما لم يقله، والإبداع فى تلبيسه الغلط حتى ولو لم يقع فيه.
الأصل إذن جميعًا نشكو منذ عقود من سوء حال التعليم المصرى ونبحث عن صاحب رؤية ومشروع يمكن أن يقود عملية التطوير التى نتمناها، ولا يخلو بيت مصرى من الشكوى بسبب حال التعليم المصرى الذى تراجع بشكل لافت وسيطرت عليه مافيا الدروس الخصوصية والكتب الخارجية، لكن الغريب أنه رغم اعترافنا بكل هذا لا نقبل المساندة لأى مسؤول يحاول أن يتحول فى اتجاه الإصلاح بل نعتبره مغامرا وحارثا، وبعضنا يتباكى على أيام وزراء سابقين يعتبرهم عباقرة، بينما الحقيقة أن كل عبقريتهم كانت فى سياسة التعامل وليس خطط الإصلاح الحقيقية.
المؤكد أن طارق شوقى ليس كافرًا بأى من ثوابت مصر التعليمية، ولا هو يعمل لصالح الوبيات أو توجهات كما يدعى البعض، قد يكون الرجل مجتهد يحتاج أن ندعمه حتى ولو لديه بعض الأخطاء بالحوار يمكن إصلاحها وقد يكون صارماً بعض الشىء فى أفكاره التى تتعارض مع كارثيته، لكن هذا لا يبرر مما يحدث معه فالعداء المبدئى له، والترصد الدائم لأفكاره ومحاولة إهالة التراب على ما يحاول أن يفعله والتحريض الدائم للأسر وأولياء الأمور ضده ليس من الموضوعية فى شىء، بل يخدم المتربحين من استمرار فساد المنظومة التعليمية.