من بين أهم القضايا الجدلية منذ بداية انعقاد البرلمان وحتى الآن، راتب عضو مجلس النواب، المبلغ الذى يتقاضاه شهريا نظير أدائه فى البرلمان، هو بالتأكيد حق أصيل له، ولكن فى الوقت ذاته هو حق للمواطن، للمعرفة، وفى مقالى اليوم سأنقل إليكم قليلا من التفاصيل المالية لنواب البرلمان.
بحسب استطلاع أجراه زميلى هشام عبد الجليل بين نواب البرلمان، فإن متوسط راتب النواب الشهرى 13 ألف جنيه مقسمة بين نص المكافأة المنصوص عليها قانونيا، والبالغة 6 آلاف و500 جنيه، إضافة إلى بدل 150 للجلسة الواحدة و100 جنيه بدل مبيت للأعضاء المغتربين.
بالتعداد الرقمى البسيط لأرقام مكافأة مجلس النواب فإن مجموع ما تقاضاه 594 نائبh فى الشهر الواحد بلغ 7 ملايين و748 ألف جنيه، وفى مدة انعقاد البرلمان المقررة بشهرين يكون الرقم النهائى 15 مليونا و496 ألفا، واستكمال لسلسة الأرقام، فإن متوسط أجر النواب فى اليوم الواحد يكون 737 ألف جنيه، لأنه عدد الأيام الفعلية التى انعقد فيها البرلمان بلغت 21 يوما، عقد خلالها 39 جلسة.
للتأكيد من جديد، الأموال التى يتقاضاها النواب حق أصيل لهم، ولكن فى المقابل هناك مئات الحقوق عليهم لم يقدموها بعد للشعب المصرى المنتظر منهم مزيد من العمل من أجل الوطن، بكل صراحة أشعر بحزن كبير عندما أتحدث مع عضو بمجلس النواب وأسأله عن إنجاز البرلمان فيرد على متفاخرا: «إحنا أنجزنا اللائحة الداخلية»، فأعلق عليها بأنه يا سيادة النائب المحترم، المواطن الفقير فى الصعيد أو الأرياف لا يعرف معنى اللائحة، حتى الآن البرلمان بعيد عن قضايا الشارع الأساسية، ناقشنى مثلا، هل تحرك البرلمان لمواجهة قضية ارتفاع الأسعار، هل شكل لجنة فعلية لاحتواء شباب الألتراس بعد دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى، هل التقى البرلمان بقيادات النقابات المهنية للحوار حول مستقبل العمل النقابى، ومطالبهم من الحكومة والعكس، هل طرح البرلمان أى حوار جاد مع أحزاب المعارضة المصرية كمحاولة نحو الوفاق السياسى، هل ناقش البرلمان ورود 3 من طلاب كلية الأزهر ضمن قائمة المتهمين الأساسيين فى اغتيال المستشار هشام بركات النائب العام السابق، هل عقد البرلمان جلسة خاصة لبعث الطمأنينة فى نفوس الشعب المصرى بعد التوتر اليومى المتزايد بارتفاع وانخفاض أسعار الجنيه المصرى مقارنة بالدولار أو حتى بعد القرارت الاقتصادية التى شهدتها البلاد الأسبوعيين الماضيين.
كل هذه الأسئلة، للأسف الشديد كان البرلمان بعيد عنها، رغم أنها ترتبط بأصل وجود البرلمان وكينونته، بأصل انتخاب الأعضاء، وفى المقابل كان البرلمان فى إجازة، عندما سألنا عن السبب، كانت الإجابة أن القانون لا يسمح لهم بالانعقاد، لأن اللائحة القديمة سقطت وهم ينتظرون مراجعة مجلس الدولة للائحة الجديدة، ومن ثم سينعقد البرلمان بشكل شرعى.
كلام محترم ومنطقى وقانونى، ولكن الشارع المصرى وتداعياته اليومية لا يتوجب الانتظار منها، الآن المشهد ينبئ بأن الشارع أسرع من البرلمان، البرلمان بطىء فى التفاعل مع قضايا المواطن، وإذا ظل الأمر كما هو عليه فسيكون البرلمان فى حرج شديد، لأن الشارع لن ينتظر بعد الآن، سيعلو صوته ولن يصبر على البرلمان، مرة أخيرة الشارع لا يعرف معنى اللائحة الداخلية، ولا يعرف معنى إنجازها، ولكنه يعرف أن البرلمان فى إجازة وأن نوابه لم يجيبوا بعد عن الأسئلة الطبيعية المتعلقة بالدولار والأمن والأكل والشرب.
نحو المصداقية، أتقبل الرأى الآخر إن كان حديثى خطأ وليس لدى أى حرج فى إعلان تصحيح الأرقام التى ذكرتها بالمقال إن ورد بها أى خطأ.