حمل الخبر عنوانًا جذابًا هو «البرلمان يعلن الحرب على قنوات الشعوذة»، وفى تفاصيله أن لجنة الإعلام بالبرلمان، أوصت بضرورة غلق هذه القنوات على يد قوات الأمن، وأن يتم إعداد التشريعات الواجبة لتقنين هذه الإجراءات، وفى الحقيقى فإنى أثمن تلك الخطوة التى قطعتها لجنة الإعلام بالبرلمان، كما أقدر هذا الاتجاه نحو محاربة الخرافات، لكنى فى ذات الوقت لا أفهم كيف نعد تشريعات لمحاربة الشعوذة ولدينا أطنان من القوانين التى تمكننا من هذا الأمر دون الانتظار لشهور، وربما سنوات لإعداد تشريعات جديدة.
منذ أكثر من سنة وتحديدًا فى 28 أغسطس 2017، كتبت فى هذا المكان مقالًا بعنوان «الحرب على قنوات الشعوذة»، قائلًا «إن البعض يتخيل أن فكرة الحرب على الشعوذة رفاهية لا ضرورة لها، لكن الوقائع تثبت عكس هذا، فالشعوذة مثلها مثل المخدرات والإرهاب والفساد تمامًا، الإرهاب تدمير للعقول، والشعوذة استعمار للعقول، المخدرات تغييب للعقول، والشعوذة تفخيخ للعقول، الفساد هلاك للموارد، والشعوذة هلاك لمن يصنعون الموارد، لأنها تدمر العلاقات الاجتماعية، وتدمر البناء المنطقى للعقل، كما تدمر الأخلاق والقيم»، ولهذا كلما رأيت برنامجا فى التليفزيون أو سمعت آخر فى الراديو به مسحة من شعوذة شعرت بأننا نحرث فى المياه أو نرسم فى الهواء، فلا فائدة من أية نهضة نبتغيها دون أن نكون قادرين على حماية العقول التى ستصنع النهضة أو ستحافظ عليها، وفى ذات المقال أشدت بمجهودات الإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية بوزارة الداخلية، التى نجحت فى ضبط أحد الأشخاص لإدارته قناة فضائية خارج مدينة الإنتاج الإعلامى بدون ترخيص بمدينة نصر، وأن تلك القناة تبث برامج دجل وشعوذة للنصب على المواطنين، وأن القوات التى داهمت هذه القناة وجدت العديد من الأجهزة المستخدمة فى عمليات التصوير والمونتاج والبث، وبعض برامج التوك شو التى تم تصويرها داخل الاستوديو الخاص بالقناة، والتى من بينها برامج دجل وشعوذة تدعى علاج المس والسحر للتواصل مع المواطنين والنصب عليهم، فإذا كانت التشريعات ناقصة فهل كان تحرك وزارة الداخلية غير قانونى؟
لا أشك مطلقًا فى أن تحرك وزارة الداخلية كان بلا سند قانونى أو تشريعى، فلدينا كما ذكرت عشرات القوانين التى تحارب الشعوذة والنصب والاحتيال كما تحارب الترويج له والحث عليه، ولا يتطلب الأمر من وجهة نظرى سوى تفعيل هذه القوانين التى تكفى لصيانة المجتمع وكبت انحرافاته، وهو دور أصيل لمجلس النواب نأمل فى أن يتم على أكمل وجه.