إن أهم الملامح العامة والأهداف الاقتصادية والاجتماعية المشتركة لخطط التصنيع والتنمية قد ساعدت على توحيد وتنسيق وانتشار الوعى والتنظيم النقابى ببين صفوف العمال فى مصر.
فقد كان لإيمان الدولة وأصحاب العمال بالسببية المتقالبة الأهداف الغائية المشتركة، بين النجاح فى معركة التنمية وبين ارتفاع مستوى المعيشة والحياة بين الفئات التى عملت على إنجاح معركة التنمية المستدامة، وتحقيق الوفرة فى الإنتاج والدخل القومي، كما كان لرواج الأفكار الإنسانية، وانتشار مستويات العمل الدولية، وانتساب مصر إلى عضوية منظمة العمل الدولية التى تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية الدولية، كان له كبير الأثر فى بلورة وتنسيق الأهداف الاجتماعية للتنمية التى يمكن أن نوجزها فى النقاط الآتية: والتى تحقق بعضها وما زال البعض الأخر ينادى به عمال مصر! أولاً: رفع مستوى اشباع العام للحاجات الأساسية للمواطنين عن طريق التوسع فى إنتاجها بأسعار اقتصادية معتدلة بعيدة عن نزعات الاحتكار ونزوات الاستغلال والاستثمار والربح والخسارة.
ثانياً: تحقيق الاستخدام الكامل، وتوفير العمل المستقر المجزى لكل قادر عليه، أو باحث عنه من المواطنين دون أدنى تفضيل وتمييز، إلا ما اقتضته ظروف العمل من شروط ومؤهلات لا غنى عنها (مثل قطاعات الطاقة).
ثالثاً: توفير الاستقرار الاقتصادى واتباع سياسة استخدام ثابتة تحول العمل العرضى والطارئ والمتقطع والموسمى إلى أعمال مستقرة ثابتة، منتظمة، مجزية على مدار العام، والعمل على توفير ومضاعفة وسائل التأمين ضد البطالة والعجز والشيخوخة والترمل وغيرها من الأخطار الاجتماعية.
رابعاً: السعى لإقامة عدالة توزيع الدخل القوى على مختلف عوامل الإنتاج، ورفع نسبة الدخل من العمل بالنسبة لمصادر الدخل الأخرى.
إذاً تعتبر هذه النسبة مقياساً لعدالة التوزيع باعتبار العمل المصدر الأساسى للدخل، وباعتبار أجور العمال المصدر الأصلى للقوة الشرائية لدى الغالبية العظمى من مجتمع المستهلكين فى الوطن.
خامساً: إصدار التشريعات العمالية والاجتماعية المكملة، وبخاصة تشريعات العمل الصناعية والزراعية التى تكفل للعمال الحماية الكاملة والرعاية والمعاملة الانسانية المنصفة والعادلة.
ونخلص مما تقدم أن تلك الاعتبارات الخمسة هى بمثابة نواة لتقدم الاقتصاد ودفع عجلة التنمية، كما هى سبب من أسبابها، وقد صدرت تشريعات العمال فى مصر فى ظل ظروف مختلفة على مدار السبعين عاماً الماضية، إلا أنها لم تحقق بعد العدل الكافى والإنصاف الكامل لحقوق العمال، لذلك يجب أن ننبه أن إصدار تشريعات تحقق أمال عمال مصر يمكن اعتبارها عنوانا للحرية وبداية لممارسة حق السيادة وتقرير المصير للشعب المصرى، وهذا دور القيادة السياسية الناضجة إلى جانب أن هناك بعض الخدمات التى أرى أنها تتصل اتصالاً وثيقاً بحقوق العمال وبالتنمية الاقتصادية الشاملة، من حيث الارتباط بين التوسع فيها، وبين كفاية الانتاج، فارتفاع مستوى الرعاية الصحية، ونمو الوعى الثقافى، وتحسن شروط وظروف العمل إلى جانب رفع مستوى التعليم العمالى، هى كلها عناصر أساسية لارتفاع مستوى كفاية إنتاج الفرد ورقى المجتمع.