طالب رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، بـ«تسريع وتيرة إعادة تسعير الأدوية بما يحقق مصلحة المواطن المصرى، ويسهم فى الوقت ذاته فى تحفيز شركات الأدوية على زيادة الإنتاج والعمل بكفاءة».
ترجمة هذا التصريح عن رئيس الوزراء أننا بصدد ارتفاع جديد فى أسعار بعض الأدوية الناقصة فى السوق أو المختفية تماماً، أرجو ألا يكون هذا صحيحاً، وليترفق المهندس مصطفى مدبولى قليلاً بالمرضى، وأَلاَ يخضع لضغوط شركات الدواء العالمية ووكلائها المعتمدين فى القاهرة.
البعير هلك، الزيادات السابقة فى أسعار الأدوية خلال العامين الأخيرين جد مؤلمة، وحديث رفع أسعار الأدوية يؤلم أكثر، لا أفهم مطلقاً منطوق رئيس الوزراء فى طلب التسريع، بالله عليك كيف يكون تسريع وتيرة إعادة التسعير فى مصلحة المرضى، أتقصد توفير الدواء، عجيب ربط توفير الدواء برفع الأسعار، ألا توجد طريقة أخرى، هل يتحمل المريض زيادة ثالثة فى أسعار الأدوية؟
سيادة رئيس الوزرء اللعبة إياها مستمرة، بطريقة مجربة، واسأل سلفك المهندس شريف إسماعيل، الشركات تمتنع عن إنتاج الأدوية التى كانت رخيصة، فيبحث المريض عنها متألماً فلا يجدها إلا مستوردة وبأغلى الأسعار، فيرضخ للأسعار الجديدة، هذا إذعان، قهر، وإياكم وقهر الرجال، كفى علينا قهر المرض.
تصريح رئيس الوزراء يصب فى مصلحة شركات الأدوية التى توقفت عمدا مع سبق الإصرار والترصد عن إنتاج بعض الأصناف ضغطاً على أعصاب الحكومة، وعطّشت الصيدليات لأصناف أخرى تبغى تحريك أسعارها ضغطاً على أوجاع المرضى، نفس الطريقة الخبيثة المتبعة فى كل محاولة للالتفاف على الأسعار التى تحقق هوامش ربحية هائلة.
نعم أفصح رئيس الوزراء أن هناك مطالبات بإعادة التسعير ويطلب من وزيرة الصحة سرعة تلبيتها، يعنى رضخ لطلبات الزيادة، لا تقل لى إن هناك شركات طلبت وبإلحاح خفض الأسعار مثلاً، الأسعار ترتفع لا تنخفض أبداً فى سوق الأدوية، سوق عقورة مسعورة أرباحها تفوق تجارة المخدرات.
معلوم إعادة التسعير شغال على ودنه فى اللجنة العليا لتسعير الأدوية، وكمان رئيس الحكومة يطالب بالتسريع، وهذه اللجنة مهمتها تحديد سقف الزيادة فى الأسعار، لم يحدث أن خفضت أسعاراً، فقط تتلقى قوائم الأدوية من الشركات وتدرس طلباتها فى تحريك الأسعار، وعادة ما يكون الخلاف فقط على نسبة الزيادة.
ما حد حاسب حسابه، لا أحد يحسب حساب الشعب المريض، ارتفاع أسعار الأكل والشرب محتمل، نأكلها بدقة، ولكن الدواء خط أحمر فليمتنع عنه المزايدون، وإذا كانت الشركات تمسك الحكومة من يدها اللى بتوجعها، فلتوجه الحكومة الشركات الوطنية بإنتاج مثائل رخيصة للأدوية الناقصة أو تلك التى تمتنع الشركات المتوحشة عن إنتاجها، حضور الحكومة فى هذا الملف واجب مستوجب، بالإنتاج بالأسعار الاجتماعية، أو تحمل الفروق من الموازنة، لا تتركوا هذا الملف يعبث به تجار الأرنص، الدواء أمن قومى.
أعلم أن النواقص فى سوق الأدوية بلغت حدود مقلقة، بعض الشركات تمتنع عن الإنتاج ضغطاً على الحكومة وإذلالاً للمرضى، ورهناً للإرادة السياسية، يساومون على حياة البشر، لا أحد يردعهم، أباطرة، لا يكتفون بالهامش الذى يحقق الأرباح، يمصون دماء المرضى حتى آخر قطرة.
ليس هكذا تورد الإبل، ولسنا إبلاً، ولكننا مرضى نساق إلى حتفنا بفعل نقص الدواء، تجربة توفير المستلزمات الطبية بأقل الأسعار بقرار رئاسى وفّر على الدولة المليارات كانت تذهب إلى خزائن التوكيلات الطبية فى التزام حكومى معتبر، خليق بتكراره فى سوق الأدوية، وليذهب تجار المرض إلى الجحيم، هؤلاء لا بيرحموا ولا بيسيبوا رحمة ربنا تتنزل على المرضى، الدواء ليس سلعة خاضعة للعرض والطلب، ولكنه احتياج قسرى، وهل يحتمل أحدهم عذابات مريض بمغص كلوى فى سواد الليل.