خلال حلقة برنامج «لعلهم يفقهون»، المذاع على فضائية «dmc»، قال الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: «إننى أشكو جميع مشايخ مصر إلى الله لعدم جلوسهم معًا للحوار.. لازم تقعدوا مع بعض وتحبوا بعض، وتعلموا الناس كيف تكون المحبة.. قف جنب زميلك الشيخ ونبهه لخطئه دون تحريض ولا تسفيه ولا وقوع فى الأعراض.. ناقشوا الرأى وليس صاحب الرأى.. وناقشوا الفكر وليس المفكر، وناقشوا المحتوى وليس صاحب المحتوى».
أصاب الشيخ خالد، وأثمن دعوته تماما، وأشدَّ على يديه، ومثله أشكو جميع مشايخ مصر إلى الله، فالبلبلة التى بات عليها المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها مسؤول عنها أمام الله المشايخ، يحتملون غرما، للأسف لم يعد اختلافهم رحمة، بل وبالاً على عموم المسلمين، فصاروا حيارى فى الطرقات يحتربون بين قائل وسائل.
اختلافهم رحمة فى قاعات العلم التى تحتمل الجدال والشقاق والاجتهاد والاختلاف، وما أن ينتهوا إلى ما يصبون إليه، يطلعون به موثقا مؤيدا بالآيات قطعية الثبوت والدلالة والأحاديث الصحيحة المتواترة يخاطبون به عقولا تفهم وتقيس وتجتهد.
العوام تغيروا.. ثورة المعلومات مكنتهم من تقفى ما يجود به العلماء، وينقدونه وينقضونه، صاروا أكثر اطلاعا على مدارس فقهية ومذاهب، ولسان حالهم لن نصبر على طعام واحد.
أقول قولى هذا متوجهًا إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور الطيب أحمد الطيب بطلب عقد مجمع فقهى عالمى يدعو إليه علماء المسلمين من الشرق والغرب، ويعلن على العالم أن الأزهر الشريف سيضطلع بمهمته التاريخية التى تليق بتاريخه، واجتهاد علمائه، وسيقف على تجديد الخطاب الدينى مليًّا، ولن يدع الفرصة تمر من بين أروقته، وسيمسك باللحظة الفارقة فى تاريخ خير أمة أخرجت للناس.
يكسب كثيرا وتكسب كثيرا ويوفر على أمة الإسلام الاحتراب الفقهى الذى هو أخطر أنواع الاحتراب الذى يبذر الخلاف والشقاق وينتهى بحروب تخصم من صورة الإسلام عالميا، مجمع فقهى يأخذ بأسباب العلم، ويستوعب الثورة المعلوماتية، ويصطخب العلماء فى العلوم والفنون والآداب، يستمعون إليهم بإنصات المجتهدين، ويتوفرون على أسباب التقدم العلمى، ويرسمون صورة حقيقية للإسلام الذى لا يخاصم عقلا ولا تقدما، ولا يقف حجر عثرة أمام رفعة العلوم والفنون، نصيرًا للآداب، يرفد الحريات من نهر الإسلام الجارى الذى لا يخاصم رأيا ولا يعادى علما، ولا يقيد اجتهادا، عالمية الإسلام ليست مقيدة باجتهادات محلية قاصرة عن اللحاق بالتقدم الحضارى.
فضيلة الإمام.. لا تتأخر عن مسؤوليتك التاريخية أكثر من هذا، فالعالم يصطخب بالجديد الذى يرفضه البعض من المنتسبين للأزهر الشريف جمودا، وتفجيرات الثورة العلمية فى العلوم والطب تذهب إلى آفاق ربما يرفضها ضيقو العقل من المفتين، وما انتهى إليه العلماء فى زمن يستوجب إعادة النظر اجتهادا، هناك أفكار جديدة، وظهورات مستحدثة، وبحوث فى المعامل ستغير وجه الحضارة، يستأهل كل هذا توقفا وتبينا لموضع أقدامنا، هل نحن نقف الموقف الصحيح فى الموضع الصحيح فى التوقيت الصحيح، أم سنخاصم كل هذا الذى يحدث من حولنا ونتقوقع؟ التولى يوم الزحف الحضارى جد خطير، يكلفنا ما لا نحتمل، يصمنا بما ليس فينا، متى كان الإسلام مخاصما للحضارة وهو عنوان الرقى الإنسانى؟!