مقالى الرابع نحو تنمية الصحراء الغربية، وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى ذى رؤية ثاقبة، حينما أصدر توجيهاته بتنمية الصحراء الغربية، لأنها على حد وصف العالم الجيولوجى الراحل الدكتور رشدى سعيد، «تعد الامتداد الطبيعى لمصر المستقبل»، ولا يوجد لدينا سلاح حقيقى لخنق الجماعات المسلحة الإرهابية سوى تنمية الصحراء الغربية، حتى لا يحولها هؤلاء الإرهابيون إلى جبهة ثانية لاستنزاف مصر، على غرار ما يفعله الإرهابيون فى سيناء.
وأمام محاولات الإرهابيين استغلال معاناة القرى الفقيرة فى شمال غرب المنيا، تحاول الدولة تنشيط الظهير الصحراوى الغربى، خاصة فى مراكز سمالوط ومطاى وبنى مزار ومغاغة، وتجسد ذلك فى شق طريق «البهنسا البويطى» الذى يربط بين بنى مزار بالمنيا وقرية البويطى بالواحات البحرية، الطريق سيعمل على إيجاد منفذ لمحافظة المنيا على البحر الأحمر متصل بالوادى الجديد مارًا بواحة سيوة، كما سيعمل على زيادة الرقعة الزراعية فى المناطق الصالحة للزراعة باستغلال المياه الجوفية واستغلال الثروات الطبيعية والتعدينية فى المناطق المحصورة بين محافظة المنيا والوادى الجديد، مما يساهم فى إنشاء مجتمعات عمرانية.
كما كانت محافظة المنيا قد بدأت فى إنشاء 24 قرية بالظهيرين الصحراويين أيضًا للتوسعة ولفرض السيطرة على تلك المناطق النائية لتعمير الصحراء، إلا أن المشروعات لم تكتمل بسبب ضعف التمويل والتخبط الاقتصادى.
وعلى غرار ما حدث بالمنيا، حاولت الدولة السيطرة على الحدود الغربية أيضًا بمحافظة أسيوط، وجاء ذلك أيضًا بشق أحد الطرق المهمة وهو طريق «ديروط- الفرافرة» بأسيوط، حيث يربط الوادى الجديد بوادى النيل، بطول يصل إلى 310 كيلومترات، وبتكلفة إجمالية 1.6 مليار جنيه من موازنة جهاز التعمير.
حول ذلك يرى د.محمد البدرى، رئيس قسم الجغرافيا السابق، بكلية الآداب جامعة المنيا، أنه يتوجب على الدولة تغيير طريقة تفكيرها مع الصحراء الشاسعة بما يأتى بثمار الأمن والأمان على المصريين، إذ تبلغ مساحات الصحراء الغربية بمصر والتى تعد المصدر الرئيسى للإرهاب ما يقرب من 680 ألف كيلومترًا، وهى مساحات كبيرة يصعب تأمينها بالكامل، وبالتالى يجب تنفيذ المشروعات القومية العملاقة بها، مثل إقامة بعض المجتمعات العمرانية، وبذلك يتم رصد العناصر الغريبة والإرهابية بسهولة فور اقترابها من زمام المحافظات المختلفة.
وأشار إلى أن ارتفاع نسبة الفقر والجهل بمحافظات الصعيد، خاصة الفيوم والمنيا وأسيوط، جعل من صحرائها مقصدًا لتوجه الشباب إلى ليبيا بحثًا عن الرزق، وهناك يتم اصطيادهم لدى الجماعات المتطرفة ودمجهم معهم والعودة فيما بعد كإرهابيين يرتكبون العمليات المتطرفة مقابل الأموال، وأضاف «البدرى» حدودنا الغربية شديدة الخطورة، إذ تكفى مسافة السير بسيارات الدفع الرباعى الحديثة مسافة 900 كيلو فقط للوصول إلى دولة ليبيا، وهو أمر يكشف مدى سهولة وصول العناصر التكفيرية والإرهابية إلينا، خاصة أن هناك طرقًا ودروبًا كثيرة بالصحراء صلبة وتسير فيها السيارات بسهولة، ولا تكشفها الطائرات نتيجة وجود الجبال بمحيطها، وفى نفس الوقت لا يمكن للطائرات أن تسير على مستوى منخفض خشية إطلاق النيران عليها.
وشدد على ضرورة تنفيذ مشروعات قرى الظهيرين الصحراويين الشرقى والغربى، والذى أعلنت عنه الحكومة منذ عدة سنوات ولكنه تعثر بسبب الأزمات المالية، وكذلك مشروع استصلاح وزراعة المليون ونصف مليون فدان بالصحراء الغربية، وهى مشروعات تتحول لصدادات فى وجه الإرهاب، وفى نفس الوقت تعد مكسبًا اقتصاديًا للشباب وتخلق فرص عمل جديدة تمنعهم من التوجه للدول غير المستقرة أمنيًا.
وكان مركز مشروعات وأبحاث المياه والصرف الصحى والصناعى بجامعة المنصورة بالتعاون مع مركز بحوث الصحراء ورشة عمل نظم فى 2014حول آفاق التنمية الشاملة لصحراء مصر الغربية، تحت رعاية الأستاذ الدكتور أحمد عبدالخالق، ورئاسة الدكتور مجدى أبوريان، مدير مركز مشروعات وأبحاث المياه والصرف الصحى والصناعى.
وحاضر الدكتور سامى خلف، من جامعة المنصورة، وكل من الدكتور محمد عيسى، والدكتورة فاطمة محمد كمال، والدكتور صفى الدين متولى من مركز بحوث الصحراء والدكتور سامى الفلالى، من مركز بحوث الزراعة بوزراة الزراعة.
تناولت ورشة العمل مناقشة آليات وسبل التنمية الشاملة لصحراء مصر الغربية، كما تهدف ورشة العمل إلى تبادل الخبرات والأبحاث بين مركز مشروعات وأبحاث المياه والصرف الصحى والصناعى بجامعة المنصورة ومركز بحوث الصحراء.
وتوصلت اللجنة المشتركة لعدة توصيات للعمل على تنمية الصحراء الغربية: وهى عمل بنية معلوماتية متكاملة للموارد الطبيعية والبشرية فى الصحارى المصرية، بوضع ثلاث فورمات، الأولى مستثمرون ورجال أعمال ومتخصصو دراسات الجدوى حتى نوفر المليارات المهدرة، والثانية يتفهمها العلماء والباحثون حتى نوفر الجهد والمال والتكرار وتصحيح الأخطاء، والثالثة للحكومات والجهات التنفيذية حتى نتفادى التردد وإهدار المال العام فى صورة اختلاف الرؤى، ويتم ذلك من خلال مجلس الوزراء.
«اقتراح وزارة للتنمية الصحراوية %59 من مساحة مصر».
إنشاء مركز للمعلومات على شبكة المعلومات الدولية عن فرص الاستثمار والخدمات والمقومات السياحية بالوادى الجديد.
ضرورة أن يكون هناك ربط التنمية الشاملة بصحراء مصر الغربية بشكل متوازى مع تنمية صحراء مصر الشرقية وسيناء، وأن يكون هناك ربط استراتيجى بين محاور التنمية الشاملة بينهما.
تطوير الطرق الرئيسية من الشمال إلى الجنوب، وكذلك الطرق العرضية التامة، وإنشاء الطرق العرضية لربط الصحراء وضرورة وجود طريق صحراوى ومنفذ بحرى لمحافظات الصعيد.
للوصول للتنمية الشاملة مصر تحتاج لتقسيم إدارى جديد مصغر، وهذا التقسيم يسهل الوصول لمعلومات حقيقية عن كل شىء تحتاجه الدولة للتطوير والنمو.
التوسع فى إنشاء مدن بيئية تعتمد على العمارة البيئية، واستخدام الطاقة الشمسية، والاعتماد على موارد المياه الجوفية.
الاهتمام بإنشاء جامعات فى الصحراء الغربية عامة، خاصة جامعة متخصصة فى مدينة القصر بواحة الداخلة بالوادى الجديد.
ولازالت معظم هذه التوصيات العلمية والدراسات والأبحاث المهمة لم تطبق حتى الآن، الأمر الذى يحتاج فعلًا وزارة للمجتمعات الصحراوية.