لم أتخيل أننى سوف أفعلها فى يوم من الأيام، وأننى سوف أتعاطف مع «راسبوتين» وبالتحديد مع أحداث قتله، أعتقد أننى تفاجأت أكثر من كونى تعاطفت، أو بالتحديد بدأت أشك فى كل ما كنت أعرفه من قبل، لقد رُويت حكايات كثيرة عن مقتل الراهب الروسى الشهير الذى لم يكن راهبًا بالمرة.
كان فلاحًا اسمه جريجورى راسبوتين، ولد فى 22 يناير 1869، ومات فى ديسمبر 1916، بما يعنى أن هذا الرجل الخطير فى التاريخ الرسمى والشعبى والثقافى لم يعش سوى سبعة وأربعين عامًا فقط، لكنها كانت كافية ليشغل الناس ويجعلنا نعيش لغزه حتى الآن، لكن هذا الفلاح البسيط انتهى به الأمر مقربًا بشدة من الأسرة المالكة فى سان بطرسبورج.
تقول الكتب والحكايات إن راسبوتين كان فى صغره عنيفًا يسكر ويسرق الجياد ويسقط فى الكثير من الفضائح الجنسية، لكنه ذات مرة قرر أن يعيش زاهدًا فسار رحلة طويلة فى الأرض الروسية بثياب غير نظيفة واضعًا فى يده أغلالًا كى يساعد نفسه على التطهر، لكن الله وحده يعلم إن كان هذا الساحر الذى ارتبطت به النبوءات قد تطهر فعلًا أم لا؟
فقد ذاع صيت الراهب لكونه يمتلك عينين نافذتين قادرتين على إثارة الرعب فى الرجال والسحر فى النساء، واقترب من القيصر، لأنه استطاع أن يعالج ابن القيصر ووريثه الوحيد الذى كان ينتظر الموت لإصابته بمرض «سيلان الدم» وكان الأطباء يعطونه دواءً خاطئًا، فقال له راسبوتين «لا تأخذ هذا الدواء».
يرى البعض أن علاقة راسبوتين بالنساء كان مبالغًا فيها لكن جريمة قتله فيها نساء أيضًا، لقد تمت دعوته إلى منزل فليكس بوسولوف وهو متزوج من «إيرينا» ابنة أخت القيصر، وتقول الحكاية إنه تم وضع كمية كبيرة من سم السيانيد فى طعام وشراب راسبوتين، إلا أن الأخير لم يشعر بشىء وسكر بسبب الكحول وعندئذ أطلق أحدهم النار عليه من مسافة قصيرة مسببًا سقوطه على الأرض نهض وضرب أحد مهاجميه وحاول الهرب إلا أنه سقط بعد أن أصيب برصاصة ثانية لم تصرعه أيضًا وأخيرًا أطلقت رصاصة ثالثة على جبينه من مسافة قصيرة جدا لتنهى حياته وهو فى السابعة والأربعين من العمر، ثم قام المتآمرون بلف الجثة ونقلها بالسيارة ورميها فى النهر.
المهم أن هناك شيئًا غامضًا عن سبب القتل، خاصة أنه تم إغلاق القضية، وتحول بعدها راسبوتين إلى أسطورة تقريبًا.