فى المحاضرة التى نظمتها السفارة المصرية بمدينة سان باولو بالبرازيل قال عالم الآثار الدكتور زاهى حواس «إن رأس نفرتيتى خرج بطريقة غير قانونية، وأطالب بعودته لمصر حتى يراه المصريون عند افتتاح المتحف الكبير» وفى الحقيقة فقد أثلج صدرى هذا التصريح بشكل كبير، خاصة أنه يأتى فى وقت يتقول فيها الكبير والصغير فى هذا الشأن، بعض المتقولين مدفوع بالجهل، وبعضهم مدفوع بالكسل والتراخى وضعف الهمة وقلة الحيلة، وبعضهم مدفوع بالعملة الصعبة.
كلام زاهى حواس يدل على أهمية أن تستعيد مصر همتها فى استرداد الآثار المصرية المهربة، وفى الحقيقة فإنى أعذر الذين لا يعلمون شيئا عن أهمية هذا الرأس، كما أعذر الذين يعتقدون أن أهميتها تقف عند مرحلة التاريخ القديم، لأن هؤلاء وأولئك لا يدركون أن ذلك الرأس أسهم فى إحداث طفرة فنية عالمية كان من شأنها أن تغير مفهوم الفن عند أهم فنانى القرن العشرين، وأرجو من لا يصدقنى أن يطالع الأبحاث والدراسات الفنية العالمية التى تنسب شخصية فنان عظيم مثل أمادو مودليانى إلى التأثر بتشريح رأس هذه الملكة العظيمة، والذى ألهمه أن يغير أسلوبه وأن يبتكر أسلوبا فنيا عظيما جعل لوحاته الآن تباع بمئات الملايين من الجنيهات.
علينا الآن أن نتابع بمزيد من الشغف جلسة محكمة القضاء الإدارى التى قررت نظر الدعوى فى القضية فى 2 فبراير المقبل، وإنى لأوصى المحكمة والمحامين والرأى العام كله بالاطلاع على كتاب المستشار الروائى أشرف العشماوى «سرقات مشروعة» الذى كان مكلفا بإعداد ملف استرداد رأس نفرتيتى فى وزارة الثقافة والذى أثبت فيه أن الرأس مصرى 100٪ فقد اكتُشف الرأس فى العام 1912 على يد عالم الآثار الألمانى لودفيج بريخردت ودون فى مفكرته أن هذا الرأس لملكة مصرية وليس لأميرة، ومن شكله وملمسه ووزنه عرف بالتأكيد أنه من الحجر الجيرى، وليس من الجبس، ووقتها كان القانون يسمح لمن يكتشف آثارا أن يحصل على نصف ما يمتلكه بشرط أن يشرح فى دراسة علمية نتائج حفائره وبيانات الآثار المكتشفة، وهو ما لم يحدث، وحينما اتبعت إجراءات القسمة، قام المدعو «بريخردت» بالتدليس الأشهر فى تاريخ الآثار المصرية، حيث تعمد الكذب وادعى أن الرأس لأميرة وليس لملكة، وأنه من الجبس وليست من الحجر الجيرى، ثم عرض صورا فوتوغرافية غير واضحة على لجنة قسمة الآثار، وهو أمر غير قانونى، ما يؤكد أن الأمر برمته ليس أكثر من «نصب فى نصب» وفقا لنصوص القانون المعمول بها وقتها، ففى مادة 133 نص يقول: «لا يكون الرضاء بين طرفى القسمة صحيحا إذا وقع عن غلط أو حصل بإكراه أو تدليس»، كما نصت المادة 136 على أن «التدليس موجب لعدم صحة الرضاء إذا كان رضاء أحد المتعاقدين مترتبا على الحيل المستعملة له من المتعاقد الآخر بحيث لولاها لما رضى»، فلماذا نتعامى عن الحق والحق أكيد؟!