تلقيت رسالة مهمة من الدكتور حسام بدراوى تثرى الحوار الدائر حول قانون تنظيم المستشفيات الجامعية الذى صدر فى أبريل 2018. يقول الدكتور بدراوى: الظاهر من القانون أن عليه خلاف فى الآراء حول لائحته التنفيذية التى أحيانًا ما تعقد ولا تفسر أو تفسر القانون بما لا يرتضيه أصحاب المصلحة، لذلك أعرض وجهة نظرى فى المحاور التالية:
1 - فلسفة القانون ولماذا الآن؟. فلسفة القانون يجب أن تخدم فكرة وأساس المستشفيات الجامعية التى تعالج وتعلم وتدرب وتقوم بالبحث والتطوير، وقد فهمت من صياغة القانون وبعد متابعة لوزير التعليم العالى على «صفحة الوزارة» أن القانون الذى كان يسير إدارة المستشفيات الجامعية صدر عندما كان عدد المستشفيات اثنتين وأصبح الآن أكثر من مائة مستشفى مما يستدعى تغيير القانون ليلائم حكم عمل تضاعف أكثر من مائة مرة، وهو ما أوافق عليه من ناحية المبدأ.
2 - للأسف قد يفهم من صياغة القانون أن رؤساء الأقسام والأساتذة يتم تنحيتهم جزئيًا من إدارة وتعليم النواب الذين هم «العمود الفقرى» للمستشفى، وجعلهم تابعين لإدارات مركزية ولجان تضع أسلوب العلاج بل تحدد نوعية البحوث. فى هذه الحالة تصبح الفلسفة مخالفة لعرف التعليم والتدريب المتبع فى كل المستشفيات التعليمية، ولكن أيضًا يقول الوزير المسؤول بوضوح إن هذا غير صحيح، وإذا كانت صياغة اللائحة يفهم منها ذلك فلنكون إيجابيين ونطرح صياغات تطمئن أعضاء هيئات التدريس.
3 - صحيح أنه يجب أن تكون هناك إدارة طبية لكل مستشفى وكل قسم، وهى موجودة بشكل لا مركزى جزئيًا الآن، ويخشى البعض أن القانون سيجعلها مركزية عكس توجهات علم الإدارة.لكن بحكم خبرتى تظل فكرة شراء المستلزمات والاحتياجات والأدوية للمستشفيات وخلافه مركزيًا أفضل حتى تعطى قوة تفاوضية للمستشفيات فى تكلفة أقل وجودة أعلى.
4 - يجب الوضع فى الاعتبار أن «طبيب الامتياز» مازال رغم أنه يدور بين الأقسام وبين مستشفيات الجامعة وبين وزارة الصحة فإن ذلك يتم فى إطار برنامج تعليمى مرتبط بدراسته وتدريبه.
5 - موضوع التفرغ الدائم والجزئى وعدد ساعات العمل والمرتب والعيادات الخارجية أراه مناسبًا، ولا أفهم التخوف منه وهو ما يحدث فى كل العالم.وقد يكون من التيسير تطبيق القانون نظريًا على وحدة من الوحدات حتى تطمئن القلوب أنه لن ينتقص من إيراداتها بل قد تزيد، لأنى كما فهمت فإن القانون سيزيد من المرتبات ولكن الزيادة ستكون من جهود وإمكانات المستشفى وليس الموازنة العامة وقد أكون مخطئا فى الفهم.
6 - بعد مناقشة فلسفة القانون والجوانب المادية علينا أن نتوجه إلى المستقبل ولا نتمسك بواقع تغيرت الدنيا حوله. بالقطع هناك مستفيدون من بقاء الوضع كما هو عليه، وهناك رافضون لأى تغيير عما تعودوا عليه، وهناك مغرضون. ولكن علينا أن نخرج خارج هذا الإطار بهدف رباعى ونسأل أنفسنا:
• هل سيتم تقديم الرعاية الصحية على أعلى مستوى علمى، وأفضل مما كانت عليه بتطبيق هذا القانون؟
• هل سيتقدم تعليم الطلبة، وتدريبهم واستمرار ودوام تدريب الأطباء والخدمات المساندة؟.
• هل سينتعش البحث العلمى والتطوير بما يرفع من مكانة كليات الطب إلى ما تستحقه ويعود بالفائدة على المجتمع؟
• هل سيرتفع مستوى خدمة المجتمع المحيط والبلاد وتتحقق حقوق المواطنين فى الوقاية والتوعية الصحية والبحث فى حدود القانون وأخلاقيات المهنة لما هو جديد فى عالم الطب، كماكانت؟
• هل ستتوازن ميزانيات المستشفيات وتكون عند الإدارة حرية المطالبة بحقوقها لدى جهات الدولة التى لا تسدد فواتير علاجها وحرية التخلص من العمالة غير الكفء المكدسة والمفروضة أحيانًا؟.
إن كان القانون ولائحته التنفيذية سيحقق ذلك فأهلا به، وإن كان لن يحقق ذلك فلا داعى له.
يجب مناقشة كل هذه الأمور ليس بالرفض لكل شىء ولا بالدفاع عن كل شىء ولكن بالموضوعية وبمنهجية علمية، وطاقة إيجابية تقترح بدلا من «الرفض الغاضب» حيث أرى الآن حدة بين الناس وأتوقع أن يأخذ بعض الأطباء جوانب دون قراءة متأنية، وقد تأخذ الحكومة موقفا عنيدا بلا لزوم.
الممارسة السياسة الناضجة وواجب الحكومة قبل إصدار أى قانون أو لائحة جديدة أن تضع نصب عينيها أصحاب المصلحة، وهم بالترتيب المرضى والطلبة وصغار الأطباء والأساتذة، علمًا بأن تجربتى عندما وضعت قانون ضمان الجودة والاعتماد كانت الممانعة والاعتراض أولًا شديدة واحتاج الأمر إلى عشر سنوات من الممارسة ليتكلم الجميع بلغه الجودة فى كل مجال ولا يتصورون ممارسة بدون معايير جودة التى رفضوها فى البداية.
«غدًا رد من وزارة التعليم العالى».