من سلبيات بعض أبناء كنيستنا الأرثوذكسية العريقة الخلط بين أحكام البشر وأحكام الله، وعدم الفهم الكامل عن جهل أو عمد، سيان، لتعليمات ومبادئ الكتاب المقدس رغم وضوحها، وأتعجب للغاية من آراء بعض قيادات الكنيسة فى هذه الجزئية كما سنرى الآن فى موضوع «الاختيار»، وندخل مباشرة فى لب المشكلة التى نعيش فيها وهى حقيقة الفارق ما بين إرادة الله والسماح من الله مع إرادة الإنسان. السيد المسيح له المجد اختار تلاميذه ورسله بنفسه، ثم دعاهم جميعا للخدمة الكهنوتية وأصبحوا رؤساء كهنة، أى بطاركة، أى باباوات جميعا بمن فيهم يهوذا الأسخريوطى، وأعطاهم جميعا مواهب شفاء المرضى وإخراج الشياطين، لكن يهوذا أسلمه وخانه وباعه بثلاثين من الفضة، ثم انتحر هما وكمدا يائسا من مراحم الله وجاهلا ومتجاهلا لهذه المراحم واستعداده للمغفرة والصفح فى حالة التوبة، ويهوذا مثله كمرقس الرسول الذى أصبح بابا الإسكندرية الأول فى مصرنا الحبيبة، أى أن رتبة يهوذا «بابا وبطريرك» واختيار من الله، لكنه فسد وأخطأ خطايا فاحشة وهلك، ولدينا الكثير من التصريحات الإعلامية والصحفية لرتب كنسية عليا معلنين وجود «يهوذا» المضل والخائن والسارق فى كل عصر وزمان داخل وخارج الكنيسة!!! ورغم هذا يتحدث شعبنا الطيب بالتقديس والتبجيل لجميع رتب الكهنوت الذين على قيد الحياة مع وجود موروثات شعبية عقيمة ومحاذير مميتة من غضب الكهنة والأساقفة والباباوات مثل «دول زى الفحم.. مستحيل حد فيهم يغلط.. اوعى تاخد لعنتهم.. و.. » وغيرها بل وتجاوز الأمر إلى حد التفسير الخاطئ لبعض آيات الكتاب المقدس مثل «رئيس شعبك لا تقل فيه سوءا».. «لا تدينوا لكى لا تدانوا»، وياترى هل كان يوحنا وبطرس جاهلين بهذه الآيات ومعانيها؟ لأن يوحنا تكلم بالسوء على يهوذا فى إنجيله واتهمه صراحة وعلانية بسرقة أموال الفقراء والمساكين لأنه كان أمينا للصندوق، وبولس ذكر أسماء المعاندين والمعارضين له ببعض الكنائس، أما بطرس فوجه السؤال المباشر للسيد المسيح «كم مرة أغفر لأخى هل ٧ مرات؟؟» ومفهوم السؤال ليس أخاه الجسدى أندراوس الرسول، بل فسرها العديد من الآباء لتلميحه عن سلوكيات يهوذا مع التلاميذ. والآن فى عصرنا الحديث نجد البعض وأنا منهم يوجه انتقادات للكنيسة كاشفا سلبياتها، ومشيرا للتجاوزات فى تطبيق قوانين الكنيسة وقد حاولت وفشلت مرارا وتكرارا حتى أوشكت المرارة أن تنفجر غيظا وحزنا مع بعض المسؤولين والمعتبرين أعمدة فى المجمع المقدس وقبلهم مع البابا شخصيا مطالبا بضرورة التحاور والتشاور مع أبناء الكنيسة والسماع للرأى الآخر ومناقشته خاصة، لأنه لا يوجد بالمسيحية عصمة من الخطأ أو الخطايا للجميع، ولكن للأسف كما نرى ونسمع يوجد تجنب وتجاهل تام من قيادات الكنيسة لكل من يوجه النقد والانتقاد للأحداث والسلوكيات الخاطئة عملا بمبدأ «إنهم يقولون..
ماذا يقولون؟؟.. دعهم يقولون» الخوف كل الخوف يا آبائى ويا قادتنا، وليس يا إخوتى أو أبنائى، أن يصل الأب المبارك إلى ما وصل إليه الرئيس مبارك وترديد المقولة الخالدة «خليهم يتسلوا».. اختيار الله يا رؤساء الكنيسة الأجلاء مذكور بالكتاب المقدس، ولكن له شروط ومحاذير وأهمها أن يحافظ «المختار» على البركة العظيمة التى منحها له الرب، وأن يسلك بأمانة وإخلاص فى متطلبات هذه البركة، وهنا ينطبق هذا على الاختيار الكهنوتى «كاهن، أسقف، بابا» وإلا.. وإلا فإن الرب، بمنتهى السهولة، ينزع هذه البركة وينهى الاختيار، بل يسمح بهلاك صاحبها كما فعل مع يهوذا ««أحد باباوات الكرازة الأولين»، ولدينا فى تاريخ الكنيسة العديد من الأمثلة الحية من سقوط الكبار بجميع الرتب ومنهم هراطقة بنسبة 99% كانوا بطاركة وأساقفة وكهنة!!!!. أما شعبنا الطيب الوديع فهو يقدس ويبجل دون وعى لهذه الحقيقة، بل لا يسمح أيضا الغالبية العظمى من شعبنا الأرثوذكسى بالإساءة أو النقد أو «مسك السيرة» لصاحب الجلباب الأسود، محذرين بعضهم البعض «إلا دول يا عم ملناش دعوة بيهم»» مع أن السيد المسيح أعطانا الأمثلة الحية والكل يعلم كما ذكرنا آنفا قصة اختياره ليهوذا الخائن ونهايته المفجعة، رغم ترشيحه لرئاسة الكنيسة مثل مرقس «بابا الإسكندرية» وبطرس وبولس «روما»!!! وننتقل لجزئية سماح الله وإرادته، فيعلمنا الكتاب المقدس الفارق الشاسع بين الكلمتين، فيقول «إرادة الله قداستكم» أى أن الرب يريدنا جميعا قديسين، وكذلك «الله يريد الجميع يخلصون» ولكن.. لا نجد الجميع قديسين ولا يخلصون لماذا؟؟ لأنه لابد من خضوع إرادة الإنسان للوصايا الإلهية وتنفيذها والحرص على الوزنة التى يعطيها الله لكل إنسان على قدر إمكانياته، وأما سماح الله فهو الضابط للكل ولا يتم وقوع أى حدث فى العالم كله إلا بسماح من الله، وليس بإرادة الله، مثل الزواج، فمن الخطأ القول بأنها إرادة الله، بل هو بسماح منه، لأنه أحيانا يتم الاختيار الخاطئ للإنسان، فيفشل الزواج المسيحى ويظل معلقا مثل العديد من الحالات التى تنتظر «الفرج» من الله والإفراج من القيادات لأصحاب ملفات الأحوال الشخصية النائمة والحائرة من أدراج دواليبها فى الكاتدرائية ثم انتقالها للتريض 3 سنوات على شط النيل بالمعادى وأخيرا «تغير جو» بمصر الجديدة قبل انتقالها للرفيق الأعلى، وأتعجب لعدم الاستفادة بخبرات الآباء بكل مرحلة بحجة التجديد وماااا الجديد؟؟؟! ونكمل معا قبل انتقالنا مع الملفات الحائرة، ونقول الاختيار قد يكون من الله والسماح أيضا بهذا الاختيار ثم نتوقف عند جهاد الرتبة الكنسية ومدى قدسية وصلوات صاحب القرار الإنسانى، وهل يتفق مع مشيئة الرب أم لا؟؟ ونعطى مثالا من الواقع الكنسى لا يعرفه إلا قلة معدودة عندما حدث مرة لأحد الباباوات، ولن أذكر المكان والزمان والأسماء حاليا، راهبا كان أو «بابا» حتى لا أصرخ وأقول الحقينى يا«ماما»، ونترك التاريخ المقروء والمسموع لمن يجتهد فى البحث والتحرى، المهم يا إخوتى تم ترشيح أحد الرهبان لرتبة الأسقفية، وقبل الرسامة بأيام قليلة تنبه متعجبا أحدهم لوجود أفكار الحادية علانية لدى هذا الراهب!!!! وعلى الفور قام بتنبيه الأب البطريرك المبارك، وتم إلغاء هذه الرسامة غير المباركة، والتى كادت أن تتحول إلى كارثة فى ذلك الزمان، وتم تداركها قبل وقوعها فهل هذا اختيار من الله أم اختبار؟؟ أنا شخصيا أحتار، ولكن الحيرة قد تزول عندما نؤمن ونعترف ونصدق أن اختيار الله مشروط بالمحافظة على هذه البركة من جميع الرتب الكهنوتية، وأختم مقالى الصغير بقصة واقعية عن كاهن غلبان لكنه لا يجيد النفاق والرياء ويحب الحق مثل نجيب الريحانى فى أحد أفلامه «احنا بتوع الشرف والذمة والأمانة»، المهم صدرت أوامر رأس ورئيس بترك كنيسته واستولوا على مقتنياته الخاصة كملابس الخدمة وهدايا ومبالغ نقدية وغيرها.. وطالب الكاهن أولى الأمر أكثر من مرة بمستحقاته دون جدوى، ثم أوقفت جهة عليا بالكاتدرائية راتبه حتى الآن منذ شهر 8 الماضى فى صومها «يكفيه معونة العذراء» وقبلها رفضوا تجديد بطاقته الشخصية مذ 1/2018 «ليحرسه الملاك»، وفشل فى صرف معاشه النقابى «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان»، ثم أوقفوا مناقشة رسالته للدكتوراه «لأنها رسالة من تحت الماء» بعد عمل وجهد 4 سنوات، رغم اعتمادها من الأساتذة المشرفين وتم اختيار لجنة المناقشة!! وكل هذا لأن الكاهن رفض التصفيق للفساد وعبادة الأوثان المقدسة أو تقمص شخصية محمود عبدالعزيز فى فيلم الكيت كات «لا أرى.. » أو إحدى شخصيات مسرحية سكة السلامة!!! «شوفها انت ما توديناش ف داهية» مما جعله يفكر جديا فى التخلى عن جلبابه الأسود، ووجه الدعوة لرئيسه بعد أن طفح الكيل به فقال له «لا أنا ولا أنت نستحق بركة هذا الجلباب». فهل كان هذا الكهنوت للاثنين مشيئة الله؟ أم اختيار إنسان؟ أنا محتار واحترت كثيرا عندما صرح البابا لمجلة روزاليوسف بشأن قرارات الرهبنة واعترض بعض الأساقفة منهم وقال بالتحديد: ««أنبا أغاثون ليس رئيس دير ولا عضوا فى لجنة الأديرة ولا يؤخذ بكلامه.. وقرارات الرهبنة تخص الأديرة ولا تخص أى عضو فى المجمع».. «أساقفة المجمع مختارون من الله أيضا».. ورد هذا الحوار قبل تسليمى مقالى للمطبعة.. وإحقاقا للحق أنقل لكم حرفيا بروازا خطيرا ورد أيضا بصفحات الحوار «لا توجد خلافات مع أعضاء المجمع المقدس ولكن هناك عقولا لا تفكر وأخرى لا تفهم ورؤى ضيقة» هكذا نشرت المجلة البرواز على لسان البابا.. ولأنه مش ناقصه محاربات أوضح وأشهد للبابا بالحق «مع أنى زعلان منه» أنه أشار للأساقفة فقط بالنصف الأول من البرواز، ثم أشار لآخرين لم يحددهم بإجابة سؤال آخر منفصل تماما عن سؤال الأساقفة ولكن المجلة دمجت الإجابتين معا فأوحت بأن البابا يقصد الأساقفة بكل ما ورد فى البرواز، والمفترض نشر المجلة للتصحيح، لأنه سيسبب مشكلة كبرى للكنيسة، لأن هؤلاء الأساقفة «مختارين» من الله.. يااااالله صدقنى يا أخى أنا.. مختار جدا يا خبيبى..!!!!