يمكن القول إن أياما قليلة هى التى تفصلنا عن معرض القاهرة الدولى للكتاب، وحينها سوف نكون فى هيئة مختلفة، المكان جديد فى التجمع الخامس، وطريقة العرض جديدة أيضا، إذن كل شىء يتغير، قيم كثيرة تتراجع مفسحة المجال لقيم جديدة، أو مستعيدة أخرى كان الزمن قد مر عليها، ملقيًا الضوء عليها من جديد مانحًا إياها القدرة على التنفس مرة أخرى، ومن ذلك فى عالم الكتب روايات الكوميكس.
الكوميس يعنى فى أحد أشكاله «صورة» ونحن فى زمن الصورة التى تختصر الكثير وتتجاوز السطور، فلم يعد القارئ المعتمد على الأدوات الحديثة قادرا على تتبع الكلمات المنمنمة الدقيقة يكفيه الآن صورة معبرة وكلمات قليلة دالة.
طبعًا الرواية المصورة فى عالمنا العربى لا تحلم بشىء من ذلك، لأننا لا نزال، للأسف، نعتبرها شكلا طفوليا فى الكتابة، لا يلجأ إليها إلا من يقصد قارئا معينا لم يصل بعد لسن الثالثة عشرة، وللأسف أيضًا، فإن ذلك يعد طريقة تفكير عربية سائدة، حتى أننى مؤخرا وبشكل شخصى، رأيت معالجة لرواية شحاذون ونبلاء للكاتب المصرى الذى عاش فى فرنسا ألبير قصيرى، بشكل كوميكس، وقتها ظننت أن المقصود من هذه المعالجة مخاطبة جمهور جديد ربما لم يقرأ لألبير قصيرى من قبل، جمهور صغير السن، قلت فى نفسى حتمًا طلاب المدارس هم المقصودون بذلك، بالطبع كنت مخطئا فى ظنى، لأننى بعدما اطلعت على العمل، أدركت أنها فن مستقل له قراؤه فى كل الأعمار، وله جمالياته وفنياته.
أعتقد أن مشكلة الرواية الكوميكس مع دور النشر أكثر من مشكلتها مع القارئ، لأن رواية الكوميس، مشروع يحتاج «تركيزا» بشكل أكبر، وعادة ما يشترك فى إبداعها فريق مشكل من كتاب وفنانين، وبالتالى يحتاج ذلك طريقة إنتاج مختلفة فى الألوان والتصميمات، وفى ظل أزمة مستلزمات النشر التى يعانى منها الجميع فإن رواية الكوميكس فى عالمنا العربى عامة، ومصر خاصة لن ترى انفراجة كبيرة، وطبعًا لو حلمنا بها تنافس فى مسابقة أدبية بصفتها مجرد رواية، دون أى خصوصية، فإن ذلك يحتاج وقتًا طويلًا لا أرى له بشائر إلى الآن.
نحن فى معرض الكتاب فى انتظار الكثير من المفاجآت من حيث الشكل والمضمون، أتوقع أداء قويا من المؤسسات المسؤولة، وأتمنى حرصا على الزيارات، وتنوعا فى الكتب والعناوين، واحتفاء يليق بالكتاب وقرائه.