خطاب سنوى يلقيه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أمام جلسة مشتركة للكونجرس الأمريكى «مجلسى النواب والشيوخ» فى مبنى «الكابيتول»، يقر الرئيس الأمريكى فى هذه الخطبة حال الأمة ويضع تصورًا للأجندة التشريعية والأولويات الوطنية أمام الكونجرس.
لا أثقل على الرئيس السيسى، ولكن الحاجة ماسة إلى خطاب سنوى، خطاب حالة الدولة المصرية، خطاب أمام مجلس النواب، خطاب من الرئيس إلى الشعب، خطاب يقرر ما هو حادث، ويستشرف ما هو قادم، خطاب مفعم بالحقائق على الأرض تتحدث عن نفسها، وتجلى الإنجاز بالأرقام، وتبين حالة الدولة المصرية التى تغادر منعطفًا خطيرًا إلى طريق السلامة إن شاء الله.
الخطاب السنوى ليس بدعة أمريكية، ولكنه ضرورة وطنية فى مواجهة آلة جهنمية تسيّرها أجهزة استخباراتية عاتية تعمد على مدار الساعة لإجهاض ما هو متحقق بالشائعات، وتشويه ما هو منجز بالأكاذيب، وإهالة التراب على الوجوه، وخفض الروح المعنوية وتثبيط الهمم وتحبيط الناس فى الأسواق.
خطاب حالة الدولة ليس من قبيل الرفاهية السياسية بل ضرورة سياسية، أقرب لكشف حساب سنوى، يقدمه الرئيس إلى الشعب، هذا ما كان، وكنا عليه، وهذا ما صرنا إليه، وما سيكون فى المستقبل القريب، كشف حساب بالورقة والقلم، كم بكم وتكلف كم وكيف تم تدبيره، وكم نحتاج ومن أين، وكيف سيتم تدبيره؟
لو فعلهاالسيسى ستكون سنة حميدة من الرئاسة فى مصر، فى موعد مضروب يتوجه الرئيس بخطاب حالة الدولة إلى الشعب، يطلعه على حقائق الأمور سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، يحدد مسارات، ويوجه بإشارات، وينتهى إلى الشعب بنتائج محققة، ويستدرك ما فات إعلانه، ويفصل ما تم إجماله، ويضع النقاط فوق الحروف لينهى قلقًا يعتور الناس من قسوة حرب الشائعات التى تطاردهم على أجهزة المحمول ليل نهار.
حسنًا لو فعلها، وأعلم أنه على تواصل حميمى مع الشارع، عبر خطابات شفاهية موجهة على هامش الافتتاحات الكبرى التى نطالعها بالصوت والصورة تباعًا، ولكن خطاب حالة الدولة فى الأدبيات السياسية نوع من المراجعات السياسية، ورسم الخطط المستقبلية، والرد على التساؤلات الحائرة التى باتت تؤرق الشعب وتورثه قلقّا على قلق فى ظل تحديات معيشية صعبة، يعلمها الرئيس، والسيسى ممتن امتنانًا عظيمًا لصبر الشعب وتفانيه فى إعانة الدولة على سنوات الآلام، سبع سنوات عجاف مرت علينا صعيبة وتحملها الشعب صابرًا واثقًا فى حسن صنيع القيادة وسلامة قصدها.
ما أحوجنا جميعًا نُخب وعموم الشعب إلى خطاب سنوى يتقصى الرئيس فيه حالة الدولة المصرية، كيف كانت يوم استلم القيادة، وكيف تغيرت، خطاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من اهتمامات الناس إلا وأحصاها، خطاب رقمى مفصل، كم تكلفت المشروعات الكبرى، والعوائد المتحققة من المليارات التى تتحدث بها كلفة المشروعات، خطاب يحمل تفسيرًا لما هو حادث فى قلب الدولة المصرية التى باتت قاب قوسين أو أدنى من مغادرة سنوات الأزمة أملًا فى سبع سمان إن شاء الله.
التقليد الأمريكى ربما كان مستغربًا على الأدبيات السياسية المصرية، ولكنه تقليد محترم ويحترم، تقليد يقف فيه رئيس الجمهورية أمام شعبه يقدم كشف حساب عن أمانة حملها يوم تنادى عليه بالرئاسة خلق كثير، وعلى طريقة ردوا الأمانات إلى أهلها، والرئيس يؤتمن ومؤتمن وحمل الأمانة محتسبًا، ولا ضير من تقديم كشف حسابه أمام الشعب، وهم لهم منصتون.
أقول قولى هذا مؤمنًا بحقائق ما تحقق على الأرض، مستبشرًا بما تحقق، وما سيتحقق بحوله وقوته وتوفيقه، وما توفيقى إلا بالله، ولكن كما يقول العرب العاربة اشتقاقا قرآنيا، قال بلى ولكن ليطمئن قلبى وقلوب محبة تحمل من المحبة للرئيس الكثير رغم أنف المرجفين فى المدينة.