لم يكن حوار الرئيس مع محافظ القاهرة أو الإسكندرية أو المسؤولين عموما فى لقاءاتهم أثناء جولاته أو المؤتمرات، لم يكن هذا الحوار رغبة فى حصول الرئيس على ردود أو معلومات، ولكن كانت هناك رسالة مهمة من الرئيس للشعب والمسؤولين وهى الحرص على وجود المعلومة لدى المسؤول.. والمعلومة لدى القائد العسكرى هى جزء مهم فى معركته مع العدو وتوفير المعلومة وتوافرها هو البداية المتوازية مع التدريب وبناء قدرات الجندى.. ولأن الرئيس يخوض معركة التعمير والتنمية وإعادة بناء الدولة كمعركة عسكرية فقد كان حريصا على أن يكون ذلك بنفس روح القائد العسكرى.. تخطيط وإعداد وتدريب وبناء قدرات وتوفير معلومات وحرص على السرية فى خطوات العمل على الأقل الخطوات الأولى.. والمتابع لما تم ويتم على أرض مصر من إنجازات فى مجالات متعددة يدرك ويرى جيدا مدى حرص الرئيس على تنفيذ تلك الخطوات هناك تخطيط وضع لمصر 2030 وقبل ذلك تخطيط لمرحلة قصيرة المدى أغلبها ينتهى فى 2020 وربما خطط أقصر وأسرع لمشروعات ملحة وضرورية.. تم إعداد الخطط فى سرية وبواسطة متخصصين ولم يتم إطلاق الوعود وتخدير الشعب، كما حدث فى فترات سابقة بتسكين المشاكل ووضعها فى ثلاجة المشروعات المستقبلية والاكتفاء بوضع حجر الأساس، ولكن كان العمل فى صمت ثم الإعلان عن النتائج هو الأسلوب المتبع فى سياسة الرئيس.
وتم الإعداد للتنفيذ بتوفير التمويل والسعى إلى ذلك وظن الكثيرون أن مصر تغرق فى الديون فقط ولم يدرك البعض واستغل البعض الآخر من أهل الشر ذلك فى الترويج لفكرة الديون تذهب فى الهواء وتستغرق أجيالا قادمة.. العمل فى صمت والرد بالنتائج كان هو الطريق الذى سار فيه الرئيس خمس سنوات كاملة لتعيش مصر منذ شهرين فى افتتاحات أسبوعية لمشروعات كبيرة وهامة.. ومن مرحلة التخطيط والإعداد بدأت مراحل التنفيذ ولكى يتم التنفيذ كان لابد من التدريب وبناء القدرات.. فى الوقت الذى كانت مئات الكيلو مترات من الطرق تشق وآلاف الوحدات السكنية تبنى وعشرات المشروعات توضع لبناتها الأولى.. كان الشباب يتلقون تدريبهم فى مبادرة الرئيس لتدريب الشباب وتتخرج دفعات متتالية لتبدأ العمل كقيادات شابة فى مختلف المواقع وكانت مبادرات بناء القدرات مستمرة من مواجهة حاسمة للمرض مع فيروس c ثم التحدى الآخر بتوفير معلومات كاملة عن صحة الشعب وبدأت حملة المائة مليون صحة لتدرك حتى الآن أكثر من ربع الشعب وتكشف عن دلالات هامة هناك أمراض أكثر انتشارا، وهناك ظواهر تهدد المستقبل من انتشار نسبة الأنيميا وبداية ظهور ظاهرة التقزم لدى الأطفال، وقبل ذلك تم أول تعداد اقتصادى للدولة فكشف عن أشياء متعددة من غياب لدور القرية الإنتاجى وانتشار لبناء عشوائى لتبدأ المواجهة مرة أخرى.. التعداد السكانى والاقتصادى حملة المائة المليون صحة كلاهما كانا فرصة لوضع خريطة معلوماتية عن كل شىء فى مصر.. اقتصاديا وبشريا هذه الخريطة المعلوماتية هى الأساس الذى يبنى عليه الرئيس خطط المستقبل.. لذا أتوقع تغير بعض الأوليات طبقا لهذه الخريطة.
توافر المعلومات والتأكد من ذلك كان رسالة الرئيس من حواراته مع المسؤولين، هو لا تنقصه المعلومة وقال ذلك لمحافظ القاهرة ولكنه للتأكد إذا كان المسؤول أيضا تتوافر لديه المعلومة وتوفير المعلومة يبدأ بالقراءة وهى صفة تخلينا عنها بشكل كبير فى السنوات الأخيرة.. أجيالنا من أبناء الخمسينيات والستينيات بدأنا حياتنا التعليمية مع حصص القراءة وبين فصول المكتبات وكانت حصة المطالعة إحدى الحصص الهامة والممتعة لدينا كطلبة صغار.. تربينا على حب القراءة.. كنا نقرأ القصص فى المدرسة ونعيد حكاياتها فى المنزل وبين قصة هادفة وأخرى مسلية، كانت النشأة ثم كانت العلاقة الدائمة مع الكتاب والقراءة وتوفرت لهذه الأجيال المعلومات وأيضا المعرفة الكبيرة والقوية بالكثير من الموضوعات.. كان من السهل أن تجد طالبا فى الابتدائية يحفظ خطب عبدالناصر أو يناقشك فى قرارات السادات.. اختفى ذلك باختفاء مكتبات المدارس ومراكز الشباب والمساجد وأماكن التجمعات.. ولعل احتفال مصر باليوبيل الذهبى لمعرض الكتاب هذا العام هو الفرصة لاستعادة عادة القراءة ولإعادة بناء القوى الناعمة لمصر.
لدينا فرصة لنطلق عام القراءة فى العام 2019.. القراءة فى المدرسة والمسجد ومراكز الشباب والمنزل ومحطة القطار لدى الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب فرصة لإعادة بناء مكتبات مراكز الشباب بالتزويد والاختيار الجيد.. أن نعيد تكوين هذه المكتبات أرجو أن يكون هدفا لوزير الشباب خلال هذا العام لو وجد الشباب الكتب الجيدة فى مكتبات مراكز الشباب سيتم سحب جزء من رصيد المقاهى وملء وقت الفراغ... ولو أعاد د. طارق شوقى المكتبة إلى الصدارة فى الخمسين ألف مدرسة التابعة له وإعادة القراءة إلى مكانتها وحصصها فى المدارس فى كل المراحل.. ولو استطاع د. خالد عبدالغفار أن يعيد تشكيل مكتبات الجامعات والحرص على أن تحتوى كتبا ثقافية ودينية وسياسية بجانب الكتب والموسوعات العلمية... وإذا تفضل فضيلة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بنشر الكتب المهمة التى تصدرها الأوقاف فى مكتبات المساجد فنواجه بها كتب ابن تيمية وآخرين وإذا عادت وزارة الثقافة إلى دورها الحقيقى فى التنوير ووجهت الجزء الأكبر من ميزانيتها لنشر الكتب إذا تم ذلك مع دعم من المجتمع المدنى فإننا نصنع شعبا يقرأ.. وقادر على البناء.. فأمة تقرأ لا تهزم لأنها تعرف حقوقها وتدرك واجباتها ولديها القدرة على تحقيق أحلامها.