كل عملية إرهابية تستهدف فينا الأمل.. لذلك تأتى عملياتهم الخسيسة فى بداية كل عام وكأنها عنوانه.. يقتطفون بعض الأرواح فى نذالة وينشرون الهلع ويحبطون التفاؤل ويقتلون الفرح فى قلوب الناس.. نحن جميعا مستهدفون فى تلك العمليات والتفجيرات الحقيرة مستهدفون فى إرادتنا وعزيمتنا وأحلامنا.. فما كاد الرئيس عبدالفتاح السيسى يعرض الإنجازات الاقتصادية التى تحققت فى مجال الزراعة أو فى إسكان العشوائيات ويشرح للمصريين أهمية مشروعات البنية التحتية والطرق والطفرة التى تحققت فيها.. ما كادت الدولة تبدأ فى النهوض بالخدمات الصحية وتنفذ أول مسح مجانى للأمراض المزمنة وفيروسات الكبد لتداوى أوجاع هذا الشعب الصابر. وما لبثت عجلة السياحة فى الدوران لتظهر بشائر الرزق فى بيوت آلاف العاملين فى هذا المجال بشكل مباشر أو غير مباشر.. ما كاد كل ذلك يحدث حتى قرروا أن يحولوا العرس إلى مأتم وأن يقتلوا الأمل داخلنا بعملية إرهابية حقيرة استهدفت سائحين فى منطقة الأهرامات التى ننتظر النهوض بخدماتها وشكلها الحضارى وزيادة معدلات السياحة فيها.. لا تسطيع أن تفهم نوعية الإرهاب ومصدره فى مصر، فهل هو إرهاب محلى أم دولى.. قذارة إخوان أم تآمر خارجى.. أم هو كل ذلك؟.. لكن الشىء الوحيد الذى يجب أن نستوعبه أن فاتورة الحياة فى هذا العالم أصبحت غالية وأن علينا أن نتحمل الكثير من الضغوط ونخوض العديد من التحديات كى نعيش.. وأهم تحدٍّ يجب أن نقاومه جميعا هو روح التشاؤم والسواد الذى كثيرا ما يتغلب علينا.. فالأمل هو الدافع الأهم فى الاستمرار والتطور ولن ينجح الإرهاب فى الوصول إلى أهدافه طالما لم يكسر فينا ضوء انتظار الغد أو ابتسامة العام الجديد..
والأمل والتفاؤل ليس سلاحنا ضد الإرهاب فقط.. فالعصر الحالى يمتلئ بالضغوط والمعاناة وبالعديد من أشكال الظلم والفقر وأوجه الشر والعنف. العالم كله يئن من أسعار الوقود والغذاء ومن ندرة مصادر الطاقة والمياه. كل دول العالم الكبيرة والصغيرة تمر بنفس المشاكل وتعانى من نفس التحديات. أوروبا تنتظر العام القادم بترقب وقلق بعد أن حطمت السترات الصفراء كبرياء فرنسا وبانت لنا فقيرة ويائسة من الداخل حتى خرج أهلها يخربون فيها ويطلبون بحقوقهم المشروعة بشكل همجى وتخريب متعمد!!.. أوروبا كلها تجلس على حافة بركان تنتظر ظهور السترات الصفراء فى شوارعها ولا أحد يعلم هل هى مؤامرة سياسية أم انتفاضة فقراء حقيقية؟.. الولايات المتحدة الأمريكية نفسها تستعد لمواجهة أزمة اقتصادية قد تطيح بملايين الأمريكيين من أعمالهم وتزيد من أعباء الديون الفلكية التى يعتمد عليها الاقتصاد الأمريكى منذ سنوات طويلة.. دول شرق آسيا والصين يترقبون أسواق العالم التى انخفضت فيها القدرات الشرائية بشكل واسع ولا يعرفون هل يستمرون فى نفس وتيرة الإنتاج الكثيف أم أن الأسواق قد وصلت لمرحلة تشبع وعليهم تخفيض الإنتاج والأجور ومعدلات النمو المعتادة.. العالم العربى مازال غارقا فى مشاكله الطائفية والسياسية والدينية، لم ينج منها إلا الدول التى أخرجت نفسها من هذا البله.. أما نحن فمازلنا نواجه الكثير من المشاكل الاقتصادية، أهمها الغلاء وتدنى معدلات الإنتاج وانتشار الفقر والبطالة، ولكننا ندرك أننا نمشى على الطريق الصحيح، وأن هناك إرادة سياسية واجتماعية للنهوض بهذه الدولة وتحسين أوضاعها.. وبصدق تحمل المصريون الكثير فى الأعوام الماضية وكانت الإجراءات الإصلاحية صعبة علينا جميعا، ولكن العاقل يدرك أننا مجبرون على ذلك وأن العلاج دائما مر ومؤلم وأننا لن نخرج من هذه الكبوة إلا بالصبر والتحمل والعمل، والأهم من ذلك الأمل.. يجب أن نقتنع أن غدا سيأتى أجمل وأننا نعانى لبناء دولة قوية نعيش بين أركانها فى استقرار وأمان.. ومهما حاول الإرهاب أن يقتل فينا هذه الروح فلن نسمح له، ومهما هزت المشاكل الاقتصادية والغلاء قدرتنا على التحمل فيجب أن نستعيدها معا، وألا نكف عن الإيمان بقدراتنا وبرحمة خالقنا فمهما كانت المشاكل ثقيلة إلا أن الدافع للحياة أقوى وإحساسنا بهذا الوطن أعظم من أى تحديات.. عام سعيد عليكم.. وكل سنة ومصر بخير وسلامة..