بالأمس كانت أفريقيا تناضل من أجل الحرية والاستقلال عن المحتلين الغاصبين وعن المستعمرين الناهبين الذين استولوا على ثروات البلاد التى وقعت تحت سيطرتهم، وكان المستعمرون يقاومون محاولات الدول المقهورة للنهوض من كبوتها والسيطرة على مقدراتها الوطنية، وعبر سنوات طويلة ماضية لم تسفر جهود الدول الأفريقية عن نجاحات واضحة على الطريق إلى التقدم والى النمو المنشود، إلا على وجه الاستثناء، وكما حاولت الدول الأفريقية الهروب قديما من مستعمريها، يحاول المستعمرون القدماء اليوم طى صفحة الماضى ونسيان تبعاته الثقيلة التى بقيت على قيد الحياة حتى الآن والخلاص نجيا إلى حياة بلا منغصات، وقد تعب الجميع من المطاردات المتبادلة ومن تبادل الاتهام الذى لا يأتى بجديد ولا يشبع حاجة أو يلبى مطلبا.
من ناحية أخرى، أرهقت الدول الأفريقية مسئولياتها المتثاقلة الى الأرض والأوضاع فى كثير منها تنذر بمشاكل كثيرة وصعوبات أكبر وأخطر، اذا لم يتم الاقتراب من شواغل الشعوب بجدية مناسبة ووضع خطط تنموية قابلة للتطبيق - وفقا الإمكانات المحلية المتاحة قدر الامكان - وناجزة ما أمكن ذلك، وبات جليا الآن للدول الأفريقية، وأكثر من كل وقت مضى، أن ملاحقة الدول المتقدمة قد لا يأتى بفائدة، حتى ولو أرادت الدول المتقدمة المساعدة، وذلك - ببساطة - بسبب الفارق الشاسع فى الإمكانات بين الجانبين، وبسبب افتقار الدول الأفريقية إلى الخبرات اللازمة لاستقبال التكنولوجيا الحديثة فى محتلف المجالات بلا تمييز .
مع وصول الدول الأفريقية إلى هذا المنحنى التاريخى فى حياتها ومساراتها الآن، بدأت الدول الشقيقة تدرك أن مصر هى الأقرب إليها وهى الوجهة الأفضل لالتماس سبيل إلى بناء القدرات والى تنمية مستدامة، حفظ الله مصر وحفظ رئيسها ووافقه إلى الخير .