أولاً: لن يتوازن ميزاننا التجارى بصفة جزئية ويقوى اقتصادنا بصفة كلية إلا إذا أعدنا النظر جميعاً فى قراراتنا وسلوكياتنا. ما لم تتخذ الحكومة قرارات ذكية وجادة فى إيجاد سبل للحد من مواردنا، التى تلتهم مليارات رهيبة من مواردنا النقدية الأجنبية، مما يؤثر ويهدد دائماً الاحتياطى النقدى الذى حقق أعلى نسبة زيادة فى تاريخ مصر، وهذا الأمر ليس ببدعة أو معجزة، فالعديد من الدول حماية لمواردها وإنتاجها أقدمت على ذلك، وبعيداً عن مفهوم الحظر، لماذا لا تضع الدولة مواصفات عالية لما يتم استيراده، بحيث لا تدخل إلا المنتجات عالية الجودة، ومن ثم يرتفع سعرها فيقل الإقبال عليها بما يوسع من مساحة تنافسية لمنتجاتنا المحلية، وهنا تأتى المعضلة، هل تتسم منتجاتنا المحلية المماثلة بالجودة والسعر التنافسى؟ وهذه مهمة وطنية وسياسية وحكومية، فشعار اشترى المصرى لن يجد صدى إلا إذا كان المنتج المصرى يحقق توقعات المستهلك المصرى، فمن المعروف أن جميع الحريات لها ضوابط تحكمها إلا حرية الاستهلاك، أما على جانب المستهلك مهما تباينت قدرته الشرائية، فإن الحس الوطنى وإحساسه بما تمر به بلاده من تحديات يتطلب منه إعادة النظر فى سلوكه الاستهلاكى، أقول ذلك بعد تصريحات المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية فى أعقاب لقاء السيد الرئيس مع رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزى بضرورة إعادة النظر فى سياسة الاستيراد وتخفيض الدين العام.
ثانياً: إذا لم يتحرك السيد وزير الصناعة- هذا فى حالة وجود وزير للصناعة- فى اتجاه القيام بدور فعال فى فتح ملف التصنيع فى مصر بتعميقه أو بتوسيعه، ولأنى لست خبيراً ولن أدعى الخبرة، فمثل هذا التحرك يتطلب أن يجلس السيد وزير الصناعة مع رجال الصناعة الوطنيين أصحاب الرؤى البعيدة «البعيدة عن المصالح الشخصية»، وأننى على يقين يوم أن يخرج وزير الصناعة ورجال الصناعة بخطة مدروسة وجادة، فإن البنك المركزى ومعه قيادات البنوك الكبرى لن تتردد فى دعم هذه الخطة تمويلاً وتسهيلاً من خلال إدارة مشروعات متخصصة لديهم خبرات تقدم مشورتها للمستثمرين الصناعيين بواقعية ومرونة تتكيف مع تطورات المواقف، ومن ثم تحدد خطة التمويل والتسهيلات، ودليلى العملى على ذلك مبادرة البنك المركزى لإقالة المتعثرين من عثرتهم، التى جاءت بعد دراسة واقعية ومن منطلق حس وطنى لضخ وفتح شرايين الشركات والمصانع التى تمثل أحد نوافذ التشغيل والقضاء على البطالة.
وأخيراً.. لن تزداد قدرتنا على تحدى الصعاب ما لم نتحرك جميعاً، كل فى مجاله، يتحمل مسؤولياته، ولا نترك رئيس الدولة يواجه الإصلاح ومتطلباته وحده.