الاحتفال بميلاد المسيح يدخل في دائرة الاهتمام العام ولا يقتصر فقط على المسيحيين، هذا ما يعتقده غالبية الشعب المصرى، فالسيد المسيح عليه السلام ليس ملكا خاصا للمسيحيين فقط بل فى ميلاده وحياته دروس عديدة، يجب أن نستفيد منها وقيم حقيقية تتجلى فى الحياة، فمن لا يتعلم من موعظة السيد المسيح الخالدة، وكيف لا نلتفت إلى مناداته بالمحبة لكل البشر، وعلى رأسها طلبه بمحبة الأعداء، ومحبة القريب كالنفس، وهى مبادئ رائعة تستحق أن نتأمل فيها فى ذكرى ميلاده المجيد، ونشيد به وبتكريمه الفائق لأمه العذراء مريم، والتى لقبها القرآن الكريم بسيدة نساء العالمين.
فى ميلاد المسيح نجد التواضع الذى تعجز الكلمات أن تعبر عنه، فقد ولد فقيرا، وعاش حياته من المهمشين والمرفوضين، وهى إشارة إلى الاهتمام بهذه الفئات، والتى توجد فى مجتمعاتنا بنسبة كبيرة جدا، ولا يكتمل الاحتفال بميلاد المسيح، دون أن ترسم البسمة على وجوه هؤلاء ليس فقط من خلال تقديم الهدايا والملابس والطعام ليعيشوا عيدا حقيقيا ليكون موسميا، بل يجب أيضا العمل على تنميتهم ومساعدتهم فى إقامة المشروعات الصغيرة التى تحولهم إلى منتجين أكثر من محتاجين.
وفى ميلاد السيد المسيح أيضا نتأمل أعماله المعجزية وشفائه للمرضى، وهى أيضا إشارة لنا لنهتم بمرضانا، ونزورهم ونخفف عنهم آلامهم قدر المستطاع، ولذلك يسعدنى أن أجد بين صفوف المصريين من ينتهز هذه المناسبات السعيدة ليقوم بزيارة المستشفيات والاهتمام بالمرضى أطفالا وكبارا، وتقديم الهدايا لهم، ويشاركهم أجواء العيد، بصناعة فرحة جميلة، وفى ذلك إحياء وتكريم لأفعال المسيح البارة.
من دروس الميلاد أيضا، محبة الوطن نعم فإن محبة للوطن تظهر بوضوح من خلال رحلة العائلة المقدسة والتى ضمت السيد المسيح وأمه مريم ويوسف النجار إلي مصر، حيث وجدوا الراحة والأمان والسلام، وباركوا أرضها من الشرق إلي الجنوب، وتركوا لنا أثارا روحية وأثرية ما زالت قائمة حتى الآن، فعلى الرغم من هذا الجو الآمن الذى عاشوا فيه نحو ثلاثة سنوات كما تشير المخطوطات والقصص التى تؤرخ للرحلة، إلا أنهم عادوا إلى بلادهم مرة أخرى، وكان فى مقدورهم أن يعيشوا فى مصر متنعمين بطبيعتها وأهلها الطيبين، ولكن حب الوطن الأصلى قادهم للعودة إلي محل الميلاد من جديد بفلسطين.
وبالطبع الدروس المستقاة من ميلاد وحياة السيد المسيح عديدة فعليه السلام وعلى أتباعه الفرحة، وكل عام ومصر بخير وسلام ومحبة.