- ينبغى على الدولة كلها بجميع مؤسساتها ومواطنيها أن تتفاعل مع برامج التنمية ومشاريع الإعمار وأن يتوجه كل مواطن للإنجاز والفاعلية من أجل بناء وإعمار الوطن
دائمًا ما يدعو القرآن الكريم الإنسان إلى الحركة الدائبة المثمرة فى هذه الحياة وإعمار الأرض، فبالإعمار تقوم الحياة ويكون للإنسان قيمة «هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا»، ومعنى الإعمار أنهم جعلوا الأرض عامرة بالبناء والغرس والزرع، لأن ذلك يعد تعميرا للأرض حتى سمى الحرث عمارة، لأن المقصود منه عمر الأرض، كما ذكر الشيخ ابن عاشور.
فهذا المعلم القرآنى يطلب من الإنسان أن يسخر كل طاقاته وإمكانياته فيجعلها لكل جهد من الخير يبذله لنفع البشرية، ووعد الله بالأجر والثواب لمن قام بذلك، وتوعد بالعذاب من خالف.
فعندما ننظر إلى سورة الزلزلة، نجدها تتحدث عن يوم القيامة وأحواله وأهواله وما يكون فيه، وختم السورة بقوله: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ».
والملاحظ أن الختام جاء مصدّرًا بفاء التفريع كما يقول العلماء، تفريعًا على قوله: «لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ»، فهى آية منفردة فى عموم الخير والشر ولا أعلم آية أعم منها، لأنها تعم كل خير وكل شر.
وهذه الآيات نوجهها لأولئك الذين لا يرون خيرًا يقام ويُشيّد إلا وأرادوا هدمه، وكذلك إلى الذين يعيثون بمقدرات الدولة المصرية ولا يعلمون أن الله لهم بالمرصاد.
إن البلاد اليوم وهى تقف على عتبة يقظة جديدة، تتطلع إلى جميع أبنائها لكى يحملوا راية الحركة النافعة للبلاد فى ضوء متطلبات العصر، فالدولة كلها مجندة لعملية البناء، وكل فرد على ثغر عظيم «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا».
ولذلك يجب للأصوات المخلصة أن ترتفع بأن أى انحراف عن البناء، أو توانٍ فى الإسهام الفعّال فى بناء الدولة المصرية الحديثة مخالفة عن أمر الله «وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا».
فحتى نسعد على طول المدى بتوالى الإعمار والبناء، لابد من تربية كل فرد من أفراد المجتمع على العمل الذى هو لون من ألوان الجهاد الحقيقى، بعيدًا عن التشاؤم الذى يقعد، والتواكل والانهزامية، فالبناء ضرورة ملحة، ولا بد من تنمية روح الرغبة فى التحرك النافع، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، مع الاعتبار أن العمل عندما توجهه وتصحبه النية الخالصة، فإنما مرد ذلك إلى سعادة الدنياوالآخرة.
وقد روى البخارى ومسلم عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله».
إن مقياس نجاح أى بلد، يكون من خلال ما حققه من تنمية شاملة على كافة الأصعدة ؛فالتنمية هى المقياس، وهذا هو المعمول به عالميًا اليوم، حينما تقاس الحكومات وأداؤها، يتم النظر إلى مدى التقدم الذى حققته فى البلد، ومدى التنمية الذى صنعته، وهذا هو المقياس الصحيح.
وقد شاهدنا ما قام به السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى من افتتاح المشروعات التى تم إنجازها فى فترة وجيزة، فهذه المشاريع العملاقة أحد مقاييس التقدم للبلد فى مجال التنمية، وينبغى على الدولة كلها بجميع مؤسساتها ومواطنيها أن تتفاعل مع برامج التنمية ومشاريع الإعمار، وأن يتوجه كل مواطن للإنجاز والفاعلية، من أجل بناء وإعمار الوطن، وذلك بالعمل المتواصل على استخراج كنوزه وخيراته واستغلالهابالطريقة المُثلى التى تحقق ما فيه الصالح العام وما يعود على المواطنيين بالخير، وهذا لا يتأتى إلا بجد ونشاط دائمين، وهذه هى الأمانة التى كلفنا الله بحملها.
لذلك يجب على كل المصريين أن يقفوا وراء قيادتهم الحكيمة مناصرين ومؤيّدين وداعين الله لهم بالثبات والتأييد والنصرة والغلبة، كما أنه قد أصبح فرضًا شرعيًّا، وواجبًا ضروريًّا على جميع المصريين أن يتَّحدوا- تنفيذًا لأمر الله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا» آل عمران: 103، «وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» الأنفال: 46، فالتنازع والتفرق والتشتت، وتنوع الاتجاهات، يستفيد منه أعداء الوطن، خاصَّة أنَّ مكْر قوى الشر لن ينقطعَ الليل والنهار فى ضرْب مصر واقتصادها، وحتى لا يأتى اليومُ الذى يقال فيه: أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض.
إن بلادنا ولله الحمد وهى تحظى بقيادة واعية، تحرص على الخير فتراها لا تفتر لحظة حتى تُنقَل مصرُ إلى مرحلة جديدة من البناء والإعمار والاقتصاد الشامل القوى، كل ذلك بجانب مواصلة الحرب ضد الإرهاب والإرهابيين بمقاومته فكريًّا، وأمنيًّا لمن حمل السلاح وروّع الآمنين.
إن هذه القيادة الواعية بحاجة إلى الدعاء والمساندة، والتعاون معها فى حماية هذه البلاد من مزالق الفتن ودعاة التطرّف والإرهاب، ومن عبث العابثين، وذلك بتنمية حب الوطن وأهله فى نفوس شبابنا وبناتنا، لبذل الجهد من أجل إعلاء مكانة هذه البلاد الفتية التى تفتخر على جميع البلاد بمكانتها العظيمة، وحضارتها التليدة.