مشكور اللواء شريف سيف الدين حسين، رئيس هيئة الرقابة الإدارية على التزامه بنشر تقارير الهيئة شهريا، تنويرا على حرب الفساد التى تشكل الوجه الآخر لحرب الإرهاب، الفساد والإرهاب وجهان فاسدان لعملة رديئة.
التقارير الشهرية تحمل إشارات، ولكن الحاجة ماسة إلى التقرير الشامل للرقابة عن المرحلة الأولى من «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد»، فمصر أنجزت المرحلة الأولى «2018/2014»، وأطلقت مؤخرًا المرحلة الثانية من استراتيجيتها الوطنية مع بداية هذا الشهر، وتستمر حتى نهاية عام 2022.
تقرير مهم ينهى مرحلة ويفتتح مرحلة جديدة، سيبرهن على الشوط الذى قطعته مصر فى مسيرة مكافحة الفساد، تقريرا كاشفا عن حجم الفساد ، يضع النقاط فوق حروف هذه الاستراتيجية الوطنية فى وجوهها المختلفة، طموحا إلى الشفافية المرتجاة ودورها فى تعزيز ثقة المواطن والمستثمر فى مؤسسات الدولة الوطنية.
تقرير الهيئة الشامل الجامع عن أربع سنين مضت، نتمنى صدوره، سيكشف عن حجم الفساد فى البلاد، والفساد الصغير قبل الكبير، وخطورة تفشى الفساد فى الوحدات القاعدية، الفساد الصغير طريق للفساد الكبير، وحجم شبكات الفساد المتغلغلة فى المحافظات والمدن والأحياء والقرى تعطل مصالح العباد.
الفساد الصغير خطير ربما يجاوز فى خطورته الفساد الكبير، الفساد الكبير وقائع وحالات مرصودة جيدا وضربات الرقابة الإدارية حديث الركبان، الفساد الصغير متفشٍ كالوباء، يمس مصالح العاديين، ويفقدهم الثقة، الفساد الصغير جد خطير لأن شيوعه جعله معتادا، والاعتياد عين الخطورة، الفساد إذا صار معتادا فقل على الشفافية السلام.
وأدعو رئيس الهيئة إلى عقد حلقة نقاشية حول مسيرة مكافحة الفساد فى سنوات أربع مضت، لتدارس دفتر أحوال الفساد فى المحروسة، يدعى إليه خبراء المكافحة فى مختلف الجهات والأجهزة وطائفة من المهتمين بمكافحة الفساد لندخل إلى المرحلة الثانية على ضوء ما تحقق فى المرحلة الأولى الصعبة التى استلزمت إرادة سياسية شجاعة لإطلاقها، وجهودا جد خارقة من الرقابة الإدارية لتجسيدها واقعا على الأرض.
مؤتمر يذهب إلى تقصى أحوال الفساد فى البلاد، وتمدد وتوغل شبكات الفساد، وأذرعها، وطرائقها فى الإفساد، فسقوط عدد من الوزراء والمحافظين ورؤساء الأحياء فى براثن شبكات الفساد فى السنوات الأربع الماضية خليق بالتوقف أمام الظاهرة، وتبين كيف يفسد الكبار، وبحث الأساليب المعتمدة فى الاختيار، وصولا لنموذج جديد وطرائق جديدة تأتى بنظيفى الأيدى إلى هذه المواقع التى تتحكم بمفاصل الخدمات التى تؤدى إلى المواطن.
المؤتمر الذى ندعو رئيس الهيئة إليه سيدرس حالة المال العام فى مصر، يقينا الرقابة الإدارية تقف على رأس المال العام، وتعد على القيادات الحكومية أنفاسها، وصارت الرقابة موجودة ونافذة فى مختلف الهيئات والمؤسسات والمصانع والمعامل والجامعات والمصالح، تمدد وجوبيا بعد إعلان حرب الفساد بطول وعرض البلاد.
رئيس الهيئة مدعو إلى إعلان جديد للتذكير بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التى أطلقها الرئيس، رؤية علمية مبنية على تقارير الهيئة عن المرحلة الأولى التى برزت الرقابة الإدارية فى السجل اليومى للمصريين، صارت حديث الشارع بضربات نوعية أثلجت الصدور، وأراحت الأعصاب، وبرهنت أن المال العام صار له حماية، وأن الفاسدين ليسوا محصنين مهما بلغت مراكزهم التنفيذية.
الرقابة الإدارية حاضرة برجالها الشرفاء حماية للمال العام، وتحصينا للقرار التنفيذى، مضى زمن كان القرار التنفيذى لا مرد له ولا معقب عليه، ولا رقيب عتيد على ما يصدرون.