غنى عن القول إن تنظيم القاهرة بطولة أمم أفريقيا 2019 هو تحد جديد لمصر على كل الأصعدة، الصعيد الأمنى، فنحن نريد أن يرى العالم أجمع أننا نجحنا فى تحقيق انتصار حاسم على الإرهاب وداعميه ورعاته، كما نستطيع تنظيم أكبر الأحداث الرياضية التى تعنى أمانا كاملا لكل من يرغب فى زيارة البلد، وعلى المستوى الاقتصادى، تمثل البطولة فى ذاتها حدثا اقتصاديا كبيرا، بما يمكن أن توفره من زائرين استثنائيين لمصر بحجم إنفاق وإعاشة قادر على تحقيق انتعاشة حقيقية فى المدن التى تقام فيها البطولة، فضلا عن كونها تمثل إعلانا عن قدرة مصر الاستثنائية على إنقاذ الحدث الرياضى الأفريقى الأبرز، فالبطولة التى يستغرق الإعداد لتنظيمها سنتان يمكن أن ننظمها نحن فى ثلاثة أشهر.
ومع ذلك فهناك مياه كثيرة سرت فى النهر منذ تنظيمنا لكأس الأمم 2006، حيث كانت مستويات التأمين أقل تعقيدا عما هى عليه الآن، والأمر نفسه، بالنسبة لمستوى المخاطر وتنوعها حاليا، كما تطورت الإجراءات الفنية والتنظيمية للبطولات الكبرى فى العالم بصورة كبيرة، ورأينا فى مونديال روسيا، كيف تغلبت الدولة الروسية على كل التحديات التى واجهتها بالاستعانة بخبراء وشركات تنظيم متخصصة، بالإضافة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية الرياضية فى وقت قياسى وتوفير المستلزمات التى توفر للسائح الرياضى أو المشجع الأجنبى كل سبل الراحة، كما تضمن التدفقات المالية والربح لأكبر قطاع من الفئات المستفيدة من البطولة.
ومؤخرا أعلن وزير الشباب والرياضة أشرف صبحى عن استعداد كل الأجهزة المعنية لإنهاء التجهيزات الخاصة بالبطولة، خلال ثلاثة أشهر فقط، وهذا شىء جيد للغاية، ولكن على أى مستوى بالضبط، مستوى تجهيز البنية الأساسية للاستادات من حيث المقاعد المرقمة المرتبطة بنظام حجز التذاكر، وكذلك توقيت الدخول للاستاد والأبواب المسموح بالتواجد أمامها وبروتوكول التشجيع والأشياء الممنوعة من الدخول، فضلا عن توفير دورات المياه المتنقلة داخل الاستاد وفى محيطه، وتحديد الأماكن المخصصة لبائعى الأطعمة والمشروبات والأعلام ومختلف السلع التى تروج فى مثل هذه الأحداث الرياضية.
وزير الشباب والرياضة أعلن عن حجز تذاكر البطولة إلكترونيا وفق سيستم خاص، لمواجهة السوق السوداء أو التزوير أو التزاحم، ولكن الحقيقة أن الحجز الإلكترونى وحده ليس كافيا إذا لم يكن مرتبطا بالمقعد المرقم فى الاستاد وفندق الإقامة ووقت التواجد فى الاستاد، فهل مقاعد الاستادات المختارة لإقامة مباريات البطولة يجرى تجهيزها بحيث تحمل أرقاما مسلسلة، بحيث يأتى المشجع صاحب التذكرة ليجد مقعده خاليا فى انتظاره بالرقم الموجود على التذكرة؟
هذا الجانب من التحدى، التحدى التنظيمى والأمنى كبير ومتشعب وأثق بقدرتنا على تجاوزه بنجاح، لكن ماذا عن التحدى الجماهيرى والتحدى الفنى، هل يمكن ضمان ردود فعل الجماهير المتعصبة التى يمكن أن تكون نقاطا سوداء فى الحدث الرياضى الكبير؟ هل يمكن ضمان السيطرة عليهم وبسرعة حتى لا تتكرر أحداث مباراة الإسماعيلى والأفريقى التونسى مثلا؟ هذا الجانب التنظيمى المرتبط بالتوعية الإعلامية والتحذير الأمنى من العقوبات المغلظة للمشاغبين ضرورى جدا قبل انطلاق البطولة.
أما على المستوى الفنى، فهل يضمن السيد أجيرى وجهازه المعاون، أن يفوز منتخبنا بهذه البطولة المقامة على أرضنا ووسط جماهيرنا، والمرتبطة بعودة الجماهير بكثافة للمدرجات؟ أرى أن العمل المكثف على إنجاز التحدى الأمنى والتنظيمى لابد وأن يرافقه عمل مكثف من قبل اتحاد الكرة لمتابعة استعدادات الخواجة وفريقه المعاون، وأنا شخصيا لست متفائلا به ولا بجهازه المعاون، وأرى أنه أقل كثيرا من منتخب مصر، وأن منتخبنا يحتاج إلى مدرب وطنى، وأشدد، وطنى، حتى يمكن أن يعود إلى منصات التتويج.