ماذا تبقى للطبقة المتوسطة؟

فى آخر خطاب له وكان خلال احتفال مصر بالذكرى الـ67 لعيد الشرطة، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، التحية للشعب المصرى على تحمله برنامج الإصلاح الاقتصادى، وقال الرئيس: «كان برنامج الإصلاح الاقتصادى شديد القسوة بلا شك»، وتساءل الرئيس فى نفس الخطاب بصوت المواطن: هل كان هناك بديل لهذا الطريق القاسى الصعب؟ وأجاب: إن البديل كان هو ضياع الدولة، لذلك لم يكن هناك بد من إصلاح اقتصادى، بدأ منذ 2016، والحمد لله أننا الآن ومع تحسن المؤشرات باطراد، تجاوزت مصر المرحلة الصعبة، لنمضى قدما فى الإصلاح إلى نهايته حتى تعتدل سفينة الدولة. لا خلاف على ضرورة الإصلاح، ولا خلاف على أنه تأخر كثيرا، ولا خلاف على مرارته وقسوته، فهو الدواء المر الذى ليس له بديل، البعض تحمله واستوعبه، والبعض وقفت بجانبه الدولة، وهذا مما يحمد للرئيس السيسى أن عينه دائما وأبدا على المهمشين، ومعدومى الدخل، فقدم لهم العديد من البرامج، لكى يكفل لأبناء هذه الطبقات حياة كريمة، وسط متغيرات اقتصادية عاتية، جعلت قيمة الجنيه المصرى تتآكل أمام العملات الأجنبية قبل أن يستقر عند الرقم الحالى الذى أدى بالتبعية لتضخم عال وارتفاع فى الأسعار، الرئيس عينه وقلبه على أبناء هذه الطبقات، يُعفيهم ويُعفى شرائح استهلاكهم من ارتفاع أسعار الكهرباء والماء والغاز، وحتى فى وسائل النقل، ويقدم لهم معاشات «تكافل وكرامة»، وبرامج «حياة كريمة»، إضافة إلى المشروعات اللامحدودة التى يقدمها برنامج «تحيا مصر» والتى منها إنهاء كل حالات العشوائيات الخطرة التى كانت تسىء لوجه مصر، وتحويلها إلى أماكن إسكان راقية تليق بآدمية الإنسان المصرى. الواقع وقراءة المشهد الاقتصادى وحتى التصريحات المعلنة لوزير المالية، تؤكد أن الطبقة التى تحملت العبء الأكبر لفاتورة الإصلاح الاقتصادى كانت الطبقة المتوسطة التى تحمل أبناؤها راضين، قانعين، آملين فى أن يؤدى الإصلاح إلى تحسن أحوال مصر، وهو ما يحدث بالفعل. فى نفس الخطاب يوم عيد الشرطة قال الرئيس جملة فى غاية الأهمية، مختصرة، لكن كلها معان، قال: «تجاوزنا المرحلة الصعبة، وماشيين فى طريقنا، وما تبقى من هذا الأمر ليس كثيرا»، معنى هذا أننا أمام رحلة جديدة من مراحل الإصلاح الاقتصادى، هى ضرورية، قد تكون أقل حدة من سابقاتها، ولكن لا غنى عنها، صندوق النقد الدولى، وغيره من المؤسسات الدولية تشيد بالإصلاح الاقتصادى المصرى، وتعتبره نموذجيا، من حيث نتائجه التى تتحسن يوما بعد يوم، لذلك كان قرار الصندوق بالإفراج عن الجزء الأخير من أموال الصندوق الموجهة لتنفيذ الإصلاح الاقتصادى المنشود.. ويبقى السؤال: من سيتحمل الجزء الأخير من هذه الفاتورة القاسية؟ بالتأكيد لدى الحكومة حزمة من التعهدات والإجراءات التى تخطط لتنفيذها خلال هذا العام وبالتأكيد ستكون أيضا مؤلمة، ولكن لمن؟ ومن يتحمل المزيد بعد أن تحمل أبناء الطبقة الوسطى الجانب الرئيسى من الفاتورة فى السنوات القليلة الماضية، أعطوا، ولم يأخذوا شيئا بعد، ويأملون أن يحصد أولادهم نتاج صبرهم. الأرقام تتحدث عن تآكل مدخولات الأسر المتوسطة بسبب التضخم الذى التهم كل شىء فى وقت ثبتت فيه الأجور أو تحركت جزئيا بما لا يلبى الاحتياجات المعقولة والرشيدة لأبناء هذه الطبقة، والتى كان على رأسها التعليم، معنى ذلك أن هذه الطبقة لم يعد لديها أصلا ما يمكن أن تتخلى عنه، أو تجعله من بنود الرفاهية، وهو ما يعنى تآكل هذه الطبقة، وتحول أعداد لابأس بها من طبقة المستورين إلى طبقة الفقراء، وهو ما لا يصب بالتأكيد فى صالح الأمان الاجتماعى، ولا الاستقرار المستقبلى الذى ننشده، ابن الطبقة المتوسطة يقول إنه يقدم كل شىء، ويتحمل كل شىء، وينتظر أن تراعيه الدولة فى خدماتها، وفى برامجها، وليس هناك منطق من مواصلة الضغط على هذه الطبقة لأنها واعية، ومدركة لخطورة وأهمية الإصلاح، هناك ضغط يمكن تحمله، وهناك آخر غير قابل للتحمل. توازن المجتمع مرهون بالأساس، بالطبقة المتوسطة، وأمانها، يمثل أمانا لهذا المجتمع، ولا بد من البحث عن وسائل جديدة، ليس من بينها، اللجوء إلى المزيد من الإجراءات مع هذه الطبقة، التى تحملت وتآكلت، ولم يتبق منها صامدا إلا القليل. نجاح الحكومة المصرية مرهون بالأساس بنجاحها فى التعامل مع هذه الطبقة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;