نحن أحق بأن نطالب بحريتنا إذا شعرنا أننا فى حاجة لذلك، ولن نسمح نحن كشعب لأى رئيس بأن يوجه مدرعاته ودباباته إلى أبنائنا فلا تقلق من ذلك.. وملف المدونين والجمعيات الأهلية مازال مفتوحا نناقشه بوعى وحيادية لأن الطريق إلى النار قد يكون مفروشا بزهور من الجنة ونحن جربنا نار المؤامرات وأحرقت الكثير منا وفينا فاترك لنا أمر ذلك.. «ذلك» يا سيدى أمر داخلى وطالما تعجبنا من إصراركم على التدخل فيه!! ولماذا تنظرون دائما إلى شعوب المنطقة على أنهم أضعف من المطالبة بحقوقهم المدنية، وأنهم يخافون من مناقشة حكامهم واختيار مصائرهم ومصائر أولادهم.. لماذا يا سيدى تصرون على أن تعاملونا على أننا أقل منكم كفاءة فى تدبير حياتنا والتعامل مع حكامنا وأنكم تنعمون علينا دائما بأفكاركم الأرقى وأسلوبك الأفضل وطريقة تعايشكم المثالية؟! سيدى دعنا نحاول أن نثبت لكم العكس.. فقط توقفوا عن توجيهنا وكأنكم الأساتذة ونحن التلاميذ.. نحن قد نتقبل أن نكون تلاميذكم لو منحتمونا خبراتكم الاقتصادية أو أردتم أن تعلمونا مهاراتكم الصناعية أو تنقلوا لنا تجاربكم التنموية ولكن لن نقبل يا سيدى أن تعلمونا الحرية.. لأنها بديهية.. غريزة أبدية غير قابلة للنقل.. فالنقل يا سيدى قلة عقل.. ويؤسفنى أن ترونا بهذا الشكل وأن تعاملونا بهذا الفهم.. سيدى للأسف نصائحك فى هذا الشأن لا تعنينا فهى لن تفيد. فالتجارب الإنسانية على مر التاريخ تؤكد أن الحرية ليست منحة فكرية أو شعارات كلامية بل تطبيق وإرادة شعبية فدعنا نتدبر طريقنا ونحن أجدر بالوصول إلى نتائج.. ثم هل من اللباقة سيدى أن أدخل بيتك وأوصيك خيرا بأهلك.. قد يجوز ذلك فقط فى عهد الأنبياء.. ولكن أين نحن منهم الآن.. فالأنبياء لا يحرقون الشعوب ولا يدفعون الناس للتشتت والضياع والقتال.. الأنبياء لا يستبيحون أمن المجتمعات ويبددون أملاك العباد.. الأنبياء لا يرضيهم ما حدث للعراق ويبكون على كل طفل مات.. الأنبياء لا يتحملون فظائع الدمار فى سوريا ولا تجمع الذئاب فى نهش الضعفاء.. الأنبياء يا سيدى لا يتعاملون يوما بالحكم والدعاء واليوم الآخر يفزعونك بالسلاح.. الأنبياء فخامتك لا يقرضونك بفوائد وشروط حتى تطعم يتامى الحروب وضحايا الميليشيات والإرهاب.. فلا تحدثونا عن زمن الأنبياء الآن فنحن عقلاء.. ندرك جيدا ما الحلال وما الحرام ونعرف عهد الله على الأنبياء..
معالى الرئيس لو تسمح لى.. إنى إنسان مثلك وشعبى أناس متحضرون لا يختلفون عن شعبك فقط بيننا فروق مالية.. أنت أغنى وأنا أفقر.. لكن يا سيدى هل قرأت التاريخ جيدا وعرفت لماذا أنا الأفقر؟.. وكيف استبيحت أرضى وثرواتى ودماء عشيرتى تحت مزاعم المستعمرين التنويرين الذين قتلوا أجدادى ليعلموهم المدنية وشردوا الأطفال لينقلوا لهم حضارتهم الارستقراطية ويسرقوا كل ما طالته أيديهم ليصنعوا لشعوبهم النهضة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.. فهل هناك من يعوض أبنائى عن ما خسره أجدادهم فى تلك الغزوات البربرية. هل هناك أمل فى أن نتعامل سواسية، أن تفقد بعض هيبتك وتناقشنى بدلا من أن توجهنى، أن تسمعنى قبل أن ترشدنى.. أن تعوضنى بدلا من أن تتباهى بأنك تسبقنى.. سيدى أنا وأنت نعلم أن العلاقة بين الشعوب متغايرة ومتشابكة فلا هى وفاق للأبد ولا هى خلاف مستديم ويجمعنا معكم تاريخ طويل من الفن والمعرفة والعلوم وأنتم أول من كشف أسرار الهيروغليفية وعرف عظمة الحضارة المصرية القديمة وترجمتم للعالم كل تاريخهم وأفكارهم ومبادئهم ولكن للأسف فاتتكم مقولة خالدة للحكيم «بتاح حتب»» «المرء يفعل ما تعلمه من أبيه.. وليس من الغرباء».