لا قرأت ولا سمعت ولا رأيت أسوأ أداء لوزير حمل حقيبة وزارة التموين منذ استحداثها مثلما قرأت ورأيت وسمعت عن الأداء السيئ والمرتبك لوزير التموين الحالى الدكتور خالد حنفى.
الرجل الذى سطر مجدا مدهشا فى الفشل، ومع ذلك مستمر فى منصبه، نظرا لتمتعه بأمرين مهمين، الأول صداقته بمسؤول كبير ونافذ، والثانى قدرته على تسويق نفسه من خلال التنسيق مع بعض البرامج التى تنقل تحركاته وجولاته الوهمية فى المجمعات الاستهلاكية، فى رسالة أنه يعمل ويبذل كل الجهد.
الحقيقة أن وزير التموين ارتكب من الأخطاء الكارثية، الكثير، ويكفى واحدة منها أن تطيح بوزير سيادى فى أى دولة كبرى كانت أو من دول العالم الثالث، ولكن وكون مصر بلد العجائب والغرائب، فإنك كلما ارتكبت من الخطايا الكثير احتفظت بمنصبك، وكلما اجتهدت وأبدعت تم التعجيل بطردك من منصبك، والدفع بك فى غياهب السجون.
تعالوا نتفق أن شعار مصر الثورة، البقاء دائما «للفهلوة والهمبكة وأنصاف المواهب»، والدعم دائما للمنابر الهدامة والشتامين وأصحاب الأصوات العالية، ونشطاء السبوبة، ونخب العار، ومثقفى أدب الجنس والخلاعة، وإبعاد الشرفاء والكفاءات الوطنية عن المشهد نهائيا عقابا لهم على تفوقهم، ونجاحاتهم فى مجالاتهم المختلفة.
تأسيسا على هذه القاعدة، تقلد عديمو الكفاءة والخبرة مناصب مهمة من بينها مناصب وزارية مختلفة، بدأت منذ حكومة عصام شرف، ومرورا بحكومة هشام قنديل، ثم حكومة الببلاوى، ومحلب ومستمرة فى حكومة شريف إسماعيل، الحالية.
ووزراء التموين والزراعة والتخطيط، مجرد عينة كاشفة وواضحة، للقاعدة، ولنبدأ اليوم بالدكتور خالد حنفى وزير التموين، ونسأله: أين مشروع «المركز اللوجيستى للحبوب والغلال» الذى كان مزمعا إنشاؤه فى دمياط، ليكون مركزا لوجيستيا مهما فى أفريقيا وآسيا؟ ولماذا بعد أن أشعلت الدنيا حماسا، وألهبت مشاعر المصريين بهذا المشروع الذى سيجلب كل الخير للبلاد والعباد وسيحل أزمة القمح والغلال، وتم تحديد ميعاد تدشينه وتم توجيه الدعوة للشخصيات العامة لحضور حفل التدشين، فجأة اختفى المشروع وتبخرت الوعود ولف الصمت عنقه؟ أيضا أين وعود «معاليك» بأن هناك مستثمرا رئيسيا للمشروع القومى العظيم الذى سينتشل البلاد من حالة المجاعة والعوز تم الاتفاق معه على هامش المؤتمر الاقتصادى الذى عقد فى شرم الشيخ منذ عام كامل، ولم نجد هذا المستثمر ولم نسمع عن هذا المشروع وكأنه سر لعين يتحكم فى شفراته «سحرة الفراعنة»؟ الأنباء المتناثرة تؤكد أن كل دراسات «معاليك» التى أعددتها «فشنك وفنكوش كبير» وهو ما أصاب السلطة الحاكمة بصدمة كبيرة، ولكن معالى وزير التموين وبما لديه من قدرات خارقة على تصدير «الوهم فى أزايز» والقدرة على الخداع البصرى، استطاع أن يتجاوز هذا المطب السياسى الكارثى.
أما الخطأ الثانى، الذى يمكن تصنيفه بالخطيئة، ما يفعله بصناعة «السكر الوطنية»، فالرجل ومن خلال تعاطيه مع هذه الصناعة الوطنية المهمة والجوهرية، تستشعر أن بينه وبينها «ثأرا شخصيا»، فقد أعلن الحرب ضد مصانع إنتاج السكر، وأطلق يد المستوردين لإغراق السوق بالسكر المستورد، بينما تتكدس مصانع السكر الوطنية بـ800 ألف طن سكر بمصانع جنوب الصعيد فى 2015 فقط.
ونسأل معالى وزير التموين «المسنود»: هو حضرتك متأكد أنك وزير فى حكومة مصرية ترعى مصالح الشعب، وفى القلب منها «زراع قصب السكر» وآلاف العاملين فى مصانع السكر؟ ماذا وإلا كيف تسمح بإغراق السوق بالسكر المستورد، بينما مخازن مصانع السكر تعج بآلاف الأطنان، لا تستطيع تصريفها، وهو ما ترتب عليه أن آلاف المزارعين لم يحصلوا على مستحقاتهم، بجانب استنزاف رصيد مصر من العملات الصعبة، خاصة الدولار؟
خالد حنفى يسير عكس ما تنادى به الحكومة من العمل على الحد من الاستيراد، بينما هو يحارب الصناعة الوطنية ويبذل مجهودا مضنيا لإغلاق أبواب مصانع السكر وتشريد آلاف العاملين، وتبوير مئات الآلاف من الأفدنة التى تعتمد على زراعة القصب، من أجل عيون حفنة من رجال أعمال يستوردون السكر ويغرقون الأسواق، ويخربون بيوت الغلابة.
وزير التموين أيضا، وضع استراتيجية «تعذيب» الغلابة والفقراء أمام مكاتب التموين باستحداث بطاقات ذكية «مضروبة» «بتبوظ» كل شهر، وتبدأ رحلة العذاب لتغيير البطاقة، و«م الآخر» وبدون تزويق الكلام، يمكن أن تصرخ وتملأ الدنيا ضجيجا، وتقول خالد حنفى وزير «تعذيب الفقراء والمساكين» ولا تقل وزير «التموين»!!