عندما زار الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الكنيسة البطرسية أثناء زيارته الأخيرة لجمهورية مصر العربية توقف طويلا متأملا أحد أعمدة الكنيسة الذى مازال يحمل آثار التفجير البشع الذى تعرضت له الكنيسة البطرسية عام 2016 واستشهد على إثره 29 شخصاً وأصيب 31 آخرون.
تناولت وسائل الإعلام المختلفة للصورة خاصة بعد أن نشرت الصفحة الرسمية للقصر الرئاسى الفرنسى الإليزية الصورة على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى وكتبت على الصورة "إحياء لذكرى أقباط مصر الذين ضربتهم يد الإرهاب البربرية" وقد تساءل البعض خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى عن سر ترك هذه الآثار على العمود على الرغم من ترميم الكنيسة وجعلها فى صورة جديدة أزالت أثر العمل الإرهابى الذى جرح قلب كل مصرى، وبالطبع لم يترك هذا العمود بدون قصد أو عن إهمال فهذا تفكير قاصر لا يرى أبعاد ومقاصد هذا التعمد.
إن فى ترك أثر من آثار الجريمة كشاهد عين على الحادث الغادر هى رسالة دائما ليس فقط لكل من يدخل الكنيسة بل لنا جميعا لنظل نتذكر هذه الجريمة البشعة، وليبقى هذه الآثار على هذا العمود تحمل فى صمته أصوات ومعانى مهمة لعلها تصل لكل من يراه ولا شك أن أهم ما فى هذه الرسائل أن خطر الإرهاب مازال باقيا يهدد أمن المواطنين على أرض الدولة المصرية، وهو الأمر الذى يتطلب يقظة وحرص وانتباه دائم إزاء هذا الخطر الذى يحدق بنا ويبدأ بفكر ظلامى متشدد مرورا بنشر الكراهية وعدم قبول الآخر لينتهى بالدم.
هناك فى بيروت بيت أسود يعد منظره شاذا عن جمال العاصمة اللبنانية بيروت وعندما تسأل عن سر هذا البيت الذى يخطف نظر كل عابر تعرف أنه قد تم تركه بحالته هذه ليذكر كل لبنانى بالجرائم التى شاهدتها لبنان من آثار للحرب الأهلية التى راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين الذين، وعلى الرغم من رفع آثار هذه الحرب المدمرة إلا أنه قد تعمد ترك هذا البيت كشاهد صامت يصرخ محذرا من عدم تكرار هذه المأساة المرعبة، إذن فنحن بالفعل فى حاجة إلى من يذكرنا دائما بالخطر المحدق بالدولة المصرية والتى يعتبرها البعض مجرد تحذيرات فقط لأنه يتناسى أثر البصمات السوداء للإرهاب المترصد بنا، لقد تحسست يد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون موضع أثر التفجير ولمست بذلك الوجع الذى يفعله الإرهاب بالمصريين ليكون ردا مباشرا عن ما تمر به الدولة المصرية من حرب شرسة مع خفافيش الظلام من محبى الموت والدمار ومثل هذا العمود رسالة قوية على بعض المفاهيم المغلوطة التى يحاول البعض اختزال قضية الدولة المصرية فيها فقط، إن بناء الوطن وحماية مواطنيه يتطلب مواجهات خاصة وقرارات قد يراها البعض صعبة ولكنها ضرورية فى محاربة أعداء كامنين فى الداخل وفى الخارج، خاصة أن هناك من يتعمد النسيان لكى يروج ما يريده من أكاذيب وحقا صدق الله العظيم عندما قال (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).