مغتبط تمامًا بافتتاح الكنيسة الإنجيلية بملوى بمحافظة المنيا، ولهذا أسبابه، وأولها أن الدولة المصرية فى تجليها بعد 30 يونيو لا تفرق فى حرية العبادة بين مسلم ومسيحى، ولا مسيحى ومسيحى آخر، الكل سواء، وحق العبادة مكفول وبالقانون، رغم محاولات يائسة معلومة الأهداف لإيقاظ شبح الفتنة الطائفية من مرقده الأخير.
افتتاح الكنيسة الإنجيلية بملوى برهان على وفاء بالوعد قطعه الرئيس على نفسه أمام إخوته الأقباط فى عيد الميلاد المجيد، بإعمار جميع الكنائس التى حرقها الإخوان والتابعون بعد فض اعتصامى النهضة ورابعة، إزالة آثار العدوان الإخوانى على أيدى أبطال الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، تمثل ترسيخًا لدور الدولة المصرية الأصيل فى نشر ثقافة المواطنة، والعبارة الأخيرة وردت على لسان قاسم حسين، محافظ المنيا، الذى يحمل عبء ترسيخ قيم المواطنة فى محافظة يصدر عنها الكثير من الحكى الطائفى المرفوض دينيًا ووطنيًا وشعبيًا.
نعم، كما قال القس الطيب، أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، الدولة المصرية جعلت التعايش المشترك حقيقة يمكن رصدها، وأزيده من الشعر بيتًا، وحقيقة مجسدة على الأرض فى مدن مصر الجديدة، التى تقام على أسس العيش المشترك، الكنيسة والمسجد معًا، والعاصمة الإدارية الجديدة نموذج ومثال.
وجه القس أندريه زكى، الشكر للرئيس، وهذا مستحق تمامًا، فالإلحاح الرئاسى على توطين معنى العيش المشترك لم يغب عن الرئيس يومًا، ويؤكده بافتتاحات الكنائس جوار المساجد، والبطرك والشيخ معًا، ويجسده فى تعليماته الصارمة ببناء الكنائس فى المدن الجديدة، التى تؤسس على أفكار جديدة، مدن الجيل الرابع لها وجه آخر بعيدًا عن غيط الطائفية، الذى ارتفع منسوبه فى الأرض القديمة لأسباب يطول شرحها، ولكن اجتثاث هذا الفكر ليس بالحكى، ولكن بتأسيس فقه جديد للعمران يتسق مع السماحة التى جبل عليها المصريون.
افتتاح كنيسة ملوى بشرى بافتتاحات كنائس أخرى طال انتظار دق أجراسها، وإنارة بيوت عبادة أظلمت ظلمًا وعدوانًا، وتمكين أهلنا من أداء صلواتهم فى أمن وأمان، وهذا من صميم حرية العبادة، التى باتت عنوانا يلح عليه الرئيس إلحاحًا، ويتابع أعمال لجنة توفيق أوضاع الكنائس المشكلة وفق قانون بناء الكنائس متابعة دؤوبة، وليس أدل على ذلك أن كلف رئيس الوزراء المجتهد، المهندس مصطفى مدبولى، برئاسة اللجنة لإزالة أية عقبات تحول دون إنفاذ القانون، ودفع عمل هذه اللجنة إلى الأمام، بدفعات من الموافقات بلغت حتى ساعته وتاريخه 627 كنيسة ودار خدمات.
الشكر موصول لرؤساء الطوائف المسيحية، الذين يؤصلون معنى العيش المشترك، ولمواقفهم الرائعة فى التصدى لمحاولات التدخل الغربى فى الشأن المصرى مروقًا من هذه الثغرة، التى تم إغلاقها تمامًا بمواقف يشكر عليها باباوات مجلس كنائس مصر، الذين اجتمعوا على أن وطنًا بلا كنائس أفضل جدًا من كنائس بلا وطن، ولم يتاجروا بالقضية الوطنية فى المحافل الدولية أو اللقاءات التى يطلبها الرؤساء الأجانب، راجع تصريحات البابا فى لقائه مع الرئيس الفرنسى ماكرون، الذى جاء إلى القاهرة يسعى لإحداث فتنة طائفية فلجمه البابا تواضروس، وقال قولًا حاسمًا يعبر عن المواطنة الحقة.
لن أزيد فى هذا الحكى لأنه بات طبيعيًا فى وطن عنوانه: «الدين لله والوطن للجميع»، ولكن تبقت كلمة أخيرة فى حق القس أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، فهذا الرجل مصرى حتى النخاع، ويحمل على كتفيه رسالة مصر إلى الغرب، وشاهدت طرفًا من دفاعه المجيد عن مصر بعد 30 يونيو فى مواجهة أقطاب السياسة الأمريكية فى واشنطن، كان مصريًا بحق- كما يقول كتاب المواطنة.