لماذا أنا معجب برئيس الولايات المتحدة الأمريكية

على الرغم من كل السجال الذي يحيط برئاسة دونالد ترامب ويُلقي بثقله عليها، إلا أنه مما لا شك فيه قد وفى بالجزء الأكبر من الوعود التي قطعها للشعب الأمريكي. فقد صمدَ في وجه الهجمات المستمرة من خصومه السياسيين والإساءات من وسائل الإعلام المتطرفة في عدائها له، وتمسّك بمواقفه مدفوعاً بعزمه على تحقيق هدفه بجعل بلاده أكثر عظمة من أي وقت مضى. تحت هذا الوابل من الانتقادات، وفي مواجهة خونة داخل معسكره يلهثون خلف إبرام صفقات مشبوهة، كان ضعفاء النفوس لينهاروا ويستسلموا. لكن ترامب ليس منهم، فقد ثابر بكل شجاعة وإقدام تارِكاً لإنجازاته المدهشة أن تتحدث عن نفسها. سواء كنت معجباً به أم لا، هذا الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية هو شخصية فريدة لا نظير لها. هو ليس من الطينة السياسية نفسها التي ينتمي إليها أسلافه. ولا يُتقن الكلام الديبلوماسي. والمقاربة غير التقليدية التي اعتمدها في تعاطيه مع المنصب الأول في العالم لم تحظَ على الفور باستحسان الجميع. لقد اتّهمه منتقدوه بأنه يفتقر إلى الخصال الرئاسية، لكن هؤلاء ليسوا معتادين على رؤية قائد ينأى بنفسه عن الكلام المنمّق أو الصوابية السياسية، قائد يقول ما يضمره ويقرن القول بالفعل. هذه هي الموهبة التي يتمتع بها والتي تُميّزه عن جميع الرؤساء الآخرين الذين تعاقبوا على المكتب البيضاوي. يمتلك ترامب القدرة على اتخاذ قرارات استناداً إلى قناعاته الشخصية حول ما يعتبره عين الصواب. فهو ينصاع لِحِسه، وعلى الرغم من أنه يصغي إلى مستشاريه ورؤساء الأجهزة الاستخبارية، إلا أنه غالباً ما يتمسّك بمواقفه. أردّد دائماً أن القائد الحقيقي هو مَن يتحلى بالشجاعة الكافية لاتخاذ قرارات صعبة على الرغم من كل الصرخات الصادرة عن المعارضين، في حين أن القائد الذي يسكنه هاجس الخوف من المعترضين على سياساته يصبح أسير التردد ويكون مصيره الفشل. لا أنفكّ أتعلّم دروساً وعبَراً من قرارات ترامب وإنجازاته الجريئة، ويراودني شعورٌ بالسرور لأنني منحته ثقتي في مستهل حملته الانتخابية في الوقت الذي استخف به الآخرون معتبرين أنه مجرد مهرّج حظوظه بالفوز معدومة. وقد برهن أنهم جميعاً على خطأ. لقد ردّدت، طوال سنوات، أن أمريكا بحاجة إلى رئيس يكون صاحب شخصية قوية، ويُفضَّل أن يكون من رجال الأعمال، وليس من فئة المحامين أو الأكاديميين الذين نستشفّ لديهم عادةً غُلوّاً في التفكير. وقد أثبتت النجاحات المتنامية التي يحققها ترامب أنني كنت محق. لقد استغرقَ بعض الوقت ليتأقلم مع دوره الجديد، لكنه نجح في ذلك على نحوٍ مبهر. وخطاب State of the Union حالة الاتحاد أمام الكونغرس لم يكن قوي الوقع وحسب لناحيتَي مضمونه وأسلوب ترامب في إلقائه، بل كان أيضاً من الخطب الأكثر إلهاماً في التاريخ الأمريكي، وكان الهدف منه دفع الجمهوريين والديمقراطيين إلى رصّ صفوفهم للعمل معاً من أجل الصالح العام. في الواقع، وما خلا استثناءات قليلة، هبّ المشترعون وقوفاً في مرات كثيرة وعلا التصفيق له في القاعة. فقد قال ترامب في كلمته: "ليس النصر تحقيق الفوز لحزبنا. بل النصر هو تحقيق الفوز لبلادنا. يأمل كثرٌ بأن نحكم كأمةٍ واحدة... علينا أن نختار بين العظمة والتعطيل". إنه لأمرٌ معيب حقاً أن بعض الديمقراطيين مصممون على الإطاحة به، بدلاً من الاعتراف بإنجازاته عندما يكون هذا الاعتراف مستحَقاً. يمتلك الرئيس السابق باراك أوباما لساناً معسولاً وأسلوباً منمّقاً، لكن ترامب بذل مجهوداً أكبر بكثير لتحسين حياة الأمريكيين وسبل معيشتهم. كان لآخر خطابَين له صدىً طيّبٌ عندي، وأعتقد أنهما مارسا الوقعَ عينه في نفوس عدد كبير من غير الأمريكيين أيضاً. لدى إصغائي إلى الرسائل التي وجّهها من القلب إلى الحشود الشديدة الحماسة في مدينة آل باسو، لمستُ فيه وطنياً عظيماً، رجلاً شغوفاً يتفانى من أجل تقديم الأفضل لبلاده وأبناء شعبه بغض النظر عن ميولهم السياسية. لقد ظهر في صورة الشخصية الموحدة، والرئيس الذي عقدَ العزم على تحسين المستويات المعيشية لجميع الأمريكيين، والقضاء على الإجرام، وتحقيق الأمان لشعبه داخل حدود البلاد. لقد حان الوقت ليفتح المشكّكون أعينهم على نطاق واسع. لا عيب في أن يُقرّ المرء بأنه على خطأ عندما يواجَه بحقائق واضحة لا لبس فيها. تشهد الولايات المتحدة واحدةً من أكبر الطفرات الاقتصادية التي عرفتها في تاريخها. فقد حطّمت البورصة الأرقام القياسية، واستُحدِث ما يزيد عن 5.3 ملايين فرصة عمل، وتُسجّل البطالة أدنى مستوياتها منذ أكثر من خمسين عاماً. تتدفق الشركات للعمل على الأراضي الأمريكية، بدفعٍ من التخفيضات الضريبية والتسهيلات التي أُدرِجت في القوانين والأنظمة التي كانت تتسبب سابقاً بالشلل والعرقلة. وللمرة الأولى، تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج النفط والغاز الطبيعي، وكذلك في موقع المصدِّر الصافي للطاقة. قال ترامب عن حق: "تحدث معجزةٌ اقتصادية، ولا شيء يمكن أن يوقفها إلا الحرب والسياسة والتحقيقات الحمقاء". في رأيي، من الأجدى بالمشرعين أن يستثمروا وقتهم ومجهودهم في إنجاز العمل المهم المطلوب، بدلاً من أن يهدروا الوقت في محاولة نبش القبور للإيقاع برئيسٍ ناجح. فهذه الممارسات تتسبب بانقسامات مُضرّة وتُقدّم مادةً دسمة لنافثي السموم عبر وسائل الإعلام والذين يسوقون تحاليل وآراء لا أساس لها من الصحة. في المضمار الاجتماعي، تعمل إدارة ترامب على الاستثمار في إيجاد علاجات لفيروس نقص المناعة المكتسبة/الأيدز، وسرطان الأطفال، وتسعى إلى تصحيح قوانين الأحكام القضائية التي تنطوي على تمييز مجحف بحق الأمريكيين الأفارقة. وقد تحرّر نحو خمسة ملايين أمريكي من اعتمادهم على القسائم الغذائية. وعلى صعيد السياسة الخارجية، أثبت ترامب أنه مفاوِضٌ قوي مستعد للمجازفة من أجل تحويل التحديات الصعبة إلى نجاحات. فقد ساهم في تحويل الحاكم الديكتاتوري في كوريا الشمالية كيم جونغ-أون من رجلٍ يُهدّد مناطق أمريكية بالإبادة النووية إلى شخصٍ يُصنّفه الرئيس الآن في خانة الأصدقاء. وقد كان تهديده بإطلاق العنان للنار والغضب بمثابة نداء يقظة لا يُنتسى. قال معبِّراً عن عميق حزنه لفقدان 7000 عنصر عسكري وإصابة 52000 بجروح في أفغانستان والعراق: "الدول العظمى لا تخوض حروباً لا تنتهي فصولاً". وهو عازمٌ الآن على السعي إلى إيجاد حلٍّ سياسي في أفغانستان، وسحب القوات الأمريكية من سوريا بعد تحرير آخر الجيوب الخاضعة لسيطرة إرهابيي تنظيم "داعش". أخيراً، أقدّر كثيراً مواقفه ضد "النظام الإيراني المتشدّد" الذي يصفه عن حق بأنه "الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم"، والتي باتت تنزف الآن بسبب العقوبات الأمريكية الصارمة. وقد تعهّد ترامب: "لن نشيح بعيوننا عن نظامٍ يهتف ’الموت لأمريكا‘..."، مطمئِناً الأمريكيين بأنه لن يسمح أبداً للملالي بحيازة أسلحة نووية. لا أحد مثالي، وأنا من أشدّ المؤمنين بأن قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل قبل نقل السفارة الأمريكية إلى هناك، كان خطأً فادحاً في التقدير من جانبه. ننتظر بصبر تفاصيل خطة السلام التي وعد بها. لكنني أنصح الناخبين الأمريكيين بعدم التفريط به سنة 2020. ففي نظرةٍ سريعة، مَن هو الشخص المناسب للحلول مكانه؟ مَن غيره يمتلك ما يتحلى به هو من شجاعةٍ وشفافية؟ فاز ترامب في الانتخابات لأن الأمريكيين سئموا من الوجوه القديمة نفسها ومن أكاذيبهم المنمّقة. أرادوا رئيساً مختلفاً وقد تحققت أمنيتهم بكل ما للكلمة من معنى. لقد بدأ السباق. ارتفعت نسبة التأييد لترامب إلى 52 في المئة نتيجة التفاعل مع خطاب حالة الاتحاد، بحسب استطلاع رأي أجرته Rasmussen Reports (راسموسن ريبروتس). تتوسع الحلبة يومياً، لكن إذا استطاع التمسك بأسلوبه الناجح، فقد يكون، مرةً أخرى، أول الواصلين إلى خط النهاية. سخروا منه في السابق مستهزئين، إنما، ووفقاً للقول المأثور، يضحك كثيراً مَن يضحك أخيراً.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;