رغم شعارات الحرية والديمقراطية التى دائما ما تتشدق بها، إلا أننا دائما ما نجد مواقف الأحزاب التى تنادى بها متناقضة عنها، وقد جاءت قضية تعديل الدستور لتؤكد أن عددا من الأحزاب السياسية، والتى دائما ما تتدعى أن ركائزها تعتمد على الديمقراطية، لتثبت الفاشية الفكرية والتطرف المتعصب فى الرأى السياسى، حيث إن واقعة موافقة النائبة هالة أبو السعد، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين على تعديل الدستور فجرت سياسة الإقصاء التى يتبعها هذا الحزب مع من يعارضونه فى الرأى والقرار الذى يتخذه.
فبالرغم من أن أبرز شعارات الحزب هى احترام الرأى والرأى الآخر، إلا أنه تردد فى الأوساط السياسية بأن هناك اتجاها داخل الحزب لفصل عدد من أعضاؤه أعلنوا موافقتهم على التعديل، وهو ما دفع لاندلاع الغضب داخل الحزب وإسراع عدد من الأمانات بتقديم الاستقالة قبل أن يتم فصلهم أو ما إلى ذلك .
فموافقة الأعضاء البارزين بحزب المحافظين لتعديل الدستور وهم سارة صلاح، وايفيلين متى، وإيهاب الخولى، تظهر جيدا كيف يعانى هذا الحزب من انقسام بداخله، ولك أن تتخيل كيف تدار اجتماعاته بهذه الموافقة، لتتأكد أن تعديل الدستور ليست القضية الوحيدة التى تؤكد وجود اختلافات فى الرأى داخل أروقته، ولكن يبدو أن نوابه كانوا يتجاوزون عنها الفترة الماضية.
كما أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد وفقط، بل إن البعض أكد أن أكمل قرطام دائما ما يتخذ القرارات بشكل منفرد، وحسب رأيه السياسى وحده، وهو ما يطرح تساؤلا حول "كيفية عمل هذه الأحزاب على قضايا و أطروحات حقوقية تختلق من خلالها مجالا للرفض بحجة عدم وجود ديمقراطية وإنها ترتكز على صالح السلطة أولا.. بينما هى تدير كيانها داخليا بشكل ديكتاتورى دون النظر لآراء اعضائها أو الاستماع إليها ".
وهو ما يظهر أن هذه الأحزاب لها أجندات خاصة تستهدف المتاجره بقضايا حقوقية بعينها، وليس "المحافظين" وحده من قام بذلك، بل يظهر لنا فى الصورة أيضا الحزب المصرى الديمقراطى وهو الحزب الذى لا يخرج للنور لفترات كبيرة ولا نراه فى أى تعليق على حدث سياسى أو عمل إرهابى، ليكشر عن أنيابه ويظهر وجهه الديكتاتورى تجاه النائب خالد عبد العزيز شعبان بعد إعلان الموافقة على تعديل الدستور.
هذه الأحزاب التى لم تنجح فى إيجاد بديل سياسى لما تعارضه ورفعت شعار "المعارضة من أجل المعارضة فقط "، فشلت أيضا فى أن تقنع نوابها بمزاعمها السياسية ورغم ذلك فهى لم تحترم مواقفهم بل اتخذت اتجاه لفصلهم ،وهو يجعلنا نطرح تساؤلا وبقوة "ماذا لو تولت هذه الأحزاب الحكم وكيف كانت ستتعامل مع الشارع المصرى حال وجود رأى معارض لقراراتها ؟؟"