هى المرة الأولى منذ تأسيس مؤتمر ميونيخ للأمن عام 1963، التى يتحدث فيها رئيس دولة غير أوروبية «الرئيس السيسى» فى الجلسة الرئيسية للمؤتمر فى دورته الخامسة والخمسين، أمام ما يقرب من 700 مشارك من رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية والوزراء وأعضاء البرلمان والممثلين رفيعى المستوى للقوات المسلحة، والمجتمع المدنى، بالإضافة إلى ممثلى دوائر الأعمال ووسائل الإعلام.
لماذا؟ لأن مصر صاحبة تجربة فريدة وناجحة فى حرب الإرهاب منذ التسعينيات وحتى ساعته وتاريخه، والعملية الشاملة «سيناء 2018» تجرى وقائعها ناجحة فى سيناء التى يتقصدها العائدون من كل الأصقاع، بحسب توجيه التنظيم الدولى للإخوان، وبتمويلات دولية، معروفة المصادر والمقاصد، وليس ببعيد اعتراف الرئيس التركى أردوغان خلال خطاب فاضح ألقاه أمام كتلة حزبه «العدالة والتنمية» فى البرلمان التركى «6 ديسمبر 2017» معترفًا: «قادة داعش وكلت لهم مهام جديدة هناك فى سيناء» !
الرئيس فى ميونيخ يحل خبيرًا بحرب الإرهاب، يحمل تجربة مصرية عريضة فى حرب الإرهاب طوال ثلاثة عقود مضت إلى الآن، مصر واجهت العائدين من جبهات القتال العالمية طويلا، وتكونت لديها خبرات عميقة فى إجهاض هذه الهجمات العقور، منذ «العائدون من أفغانستان» وحتى العائدين من داعش، وبينهما موجات إرهابية عاتية هبت على القاهرة من أصقاع بعيدة، وواجهت مصر الإرهاب العالمى منفردة والعالم يشهد حجم التضحيات الجسام دون حراك.
ما تواجهه أوروبا جد خطير، ودورة ميونيخ هذا العام تقف وتتبين حجم ظاهرة «العائدون من داعش» فمنذ إعلان الرئيس الأمريكى ترامب سحب القوات الأمريكية من مناطق داعش فى سوريا من بعد العراق، وأوروبا تجتهد أمنيًا فى كيفية احتواء عناصر التنظيم، والأخطر من جنسياتها، سيعودون حتما إلى بلادهم بإرهابهم، وطلائعهم الذئاب المنفردة تجوب شوارع لندن وباريس ولكسمبورج متوحشة متعطشة للدماء.
صحيفة «ذا صن» البريطانية، تتحدث عن 400 متطرف بريطانى يتجولون بحرية فى المملكة المتحدة بعد العودة من القتال مع داعش فى سوريا، مؤكدة أنه تمت مقاضاة 40 منهم فقط بسبب «عمل مباشر قاموا به فى سوريا».
تقديرات استخباراتية أوروبية تتحدث عن غموض يلف مصير 30 ألف داعشى، إما أنهم قتلوا خلال الحرب أو هربوا إلى الصحراء أو عادوا إلى بلدانهم، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد «الأوروبيين الدواعش» أكثر من 5 آلاف شخص، بعضهم قتل فى المعارك فى سوريا والعراق، وبعضهم ما زال يقاتل، بينما عاد إلى بلدانهم قرابة 1750 عنصرًا ذا خبرة قتالية عالية، وحسب موقع «دى فيلت» الإخبارى، أن 48٪ من العائدين يظلون ملتزمين بأيديولوجية التنظيم الإرهابى، أو يظلون على اتصال مع أصدقائهم المتطرفين.
الأرقام تفزع أوروبا التى صحت من سباتها، إذ فجأة والإرهاب يدق الأبواب، الفئران المشتعلة تفر من محرقة داعش إلى شوارع أوروبا، ستقضى على الأخضر واليابس فى بلدانهم، إن لم يتم التعامل الأمثل معهم، خاصة أنهم ما زالوا محملين بأفكارهم، التى تلقوها خلال فترة التجنيد داخل التنظيم، والقتال تحت علم الخلافة الأسود.
أوروبا تبحث عن حلول عاجلة، والحلول تحتاج إلى خبرات تراكمية تشكلت عبر عقود ماثلة فى الحالة المصرية، لذا تستضيف أوروبا متلهفة الخبرة المصرية ممثلة فى الرئيس السيسى بحثًا عن سبيل وطريق لاحتواء هجمة الفئران المشتعلة الفارة من جحيم داعش، مصر التى كافحت هذا الوباء فى قلب المدن وعلى الأطراف، وتشكلت لديها رؤية شاملة وعابرة للحدود لمكافحة الإرهاب أصبحت مثل «شيخ طريقة فى حرب الإرهاب»، شعبياً مثل رفاعى يصيد الثعابين الزاحفة من الدغل الداعشى.