شرُفت فى الأيام الماضية أن أكون ضمن الوفد البرلمانى المصرى، المشارك فى الجمعية رقم 134 للاتحاد البرلمانى الدولى، والمنعقدة فى العاصمة الزامبية «لوساكا»، والجدير بالذكر أن هذه الجمعية بالتحديد، كانت ذا أهمية كبرى لمصر، نظراً للبت فى عودة مصر لعضويتها فى الاتحاد، وهو ما قاتلت من أجل الحيلولة دون حدوثه، قوى إقليمية، محور الشر الذى يتربص بمصر، ويكيد لها كيدا.
فبعد خمس سنوات من التجميد عادت لمصر عضويتها بالاتحاد، ورُفع العلم المصرى فى مكانة التاريخ منذ عام 1924، على مبنى الاتحاد بجينيف، وقبل الخوض فى تفاصيل الرحلة، وكيف كلل الله عز وجل الجهود بالنجاح، وكيف كُسرت إرادة أهل الشر، لتحقق مصر نصرا تاريخيا، فى أهم محافل الدبلوماسية البرلمانية، تجدر الإشارة لعظمة وتاريخ الحياة النيابية فى مصر، فقد عرفت مصر النظام النيابى منذ ما يقرب من قرنين من الزمان، حيث يعد «المجلس العالى»، الذى تأسس فى عام 1824 م، فى عهد محمد على باشا بمثابة البداية الحقيقية لأول مجلس نيابى، حيث كان يتكون مـن 48 عضوا من نظار الدواوين والأعيان والشيوخ والعلماء، وقد حددت اللائحة الأساسية للمجلس العالى اختصاصاته، حيث كان يناقش مقترحات السياسة الداخلية لمحمد على باشا.
ليأتى فى عهد الخديوى إسماعيل فى عام 1866 م، أول مجلس نيابى منتخب فى مصر «مجلس شورى النواب»، حيث يكون هذا المجلس من 75 عضواً، وكان الفصل التشريعى للمجلس ثلاث سنوات، وبعد اندلاع الثورة العرابية وبالتحديد فى عام 1881 م أجريت انتخابات البرلمان، حيث أطلق عليه «مجلس النواب المصرى»، ووُسعت اختصاصاته بجانب سلطة التشريع، حيث صار للبرلمان الحق فى استجواب الوزراء، وقد كانت مدة الفصل التشريعى له خمس سنوات ودور الانعقاد ثلاثة أشهر، ثم جاء الاحتلال البريطانى فانتكست الحياة النيابية، حيث تحولت المجالس النيابية لمجرد هيئات استشارية حتى قامت ثورة 1919م.
ففى عام 1922 م تم إعلان استقلال مصر ليصدر دستور 1923 م الذى أخذ بنظام الحكم البرلمانى القائم على الفصل بين السلطات، فجعل الوزارة مسؤولة أمام البرلمان الذى يملك حق طرح الثقة فيها، بينما جعل من حق الملك حل البرلمان، وقد تم العمل بنظام المجلسين «الشيوخ والنواب»، وفقاً لدستور عام 1923م، وكانت مدة الفصل التشريعى للبرلمان خمس سنوات.
لتندلع ثورة 23 يوليو 1952 م، ويُعلن إنهاء العمل بدستور 23 ومع صدور دستور 1956 م أُطلق على البرلمان مسمى «مجلس الأمة»، وقد بلغ أعضاء هذا المجلس 342 عضواً، واستمر حتى إعلان الوحدة مع سوريا عام 1958 م، وكان قد صدر دستور مؤقت للجمهورية العربية المتحدة عام 1960 م، حيث نص على تشكيل مجلس الأمة من 600 عضو، 400 من مصر، و200 من سوريا، واستمر هذا المجلس حتى انفصلت سوريا عن مصر فى عام 1961 م. ليصدر دستور 1964 م الذى نص على تخصيص نسبة %50 للعمال والفلاحين، فى تشكيل مجلس الأمة المكون من 350 عضواً، حيث قسمت الجمهورية إلى 175 دائرة يمثل كل دائرة نائبان، واحد من الفئات، والآخر من العمال أو الفلاحين، حتى أتى دستور عام 1971 م، حيث تم تغيير اسم مجلس الأمة إلى «مجلس الشعب»، وتكون أيضاً من 350 عضواً، بالإضافة إلى عشرة أعضاء معينين، لتعود مصر لنظام المجلسين بإجراء استفتاء شعبى على تعديل الدستور عام 1980م تم بمقتضاه إنشاء «مجلس الشورى».