ماكينة إنتاج وإطلاق الشائعات لا تتوقف، بل تزداد وتيرة عملها الخبيث، كلما حقق البلد إنجازا فى أى مجال داخليا أو خارجيا، مع افتتاح مشروع قومى كبير، أو الإعلان عن مدينة مليونية مثل العاصمة الإدارية أو العلمين الجديدة، أو بدء عهد جديد من التصنيع، مثل تدشين المدن المتخصصة كمدينة دمياط للأثاث أو مدينة الروبيكى للجلود أو المناطق الصناعية المتخصصة للمشروعات الصغيرة من الإسكندرية إلى أسوان، أو عندما تتحقق القدرة والإرادة المصرية، وتنظم القمة العربية الأوروبية فى شرم الشيخ تحت شعار «استثمارنا فى استقرارنا» لوضع خط النهاية لمشروع الفوضى الخلاقة فى المنطقة.
اللجان الإلكترونية وأدوات قطر وتركيا يراهنون على أن لدى المصريين ميل عام لتصديق الشائعات وتنميتها والنميمة حولها، وهم يتفننون فى اختيار الزاوية التى يطلقون منها الشائعات الخبيثة، فهى إما لتشويه إنجاز متحقق كبير أو تمس الحاجات الضرورية للفئات محدودة الدخل، وغالبا ما تنشف الشائعات خلال ساعات محدودة، أو عندما يصدر المركز الإعلامى لمجلس الوزراء تقريره الأسبوعى أو الدورى للرد على عمل اللجان الإلكترونية الخبيثة، وهو يرد فى الحقيقة باحترافية ويفند الشائعة من مصدر مسؤول ومتخصص، حتى لا تقوم لها قومة بعد ذلك.
ولا يصبح أمام اللجان الإلكترونية ومجاذيب السوشيال ميديا سوى أن يطلقوا شائعات جديدة للتمويه على فشلهم فى التأثير من خلال الشائعات السابقة، أو تحويل الأنظار للشائعات القديمة من خلال القلش عليها وتحويلها إلى مجرد نكات بايخة، وهم يراهنون دائما أن المصريين طيبو القلب ويتفاعلون مع الشائعات أكثر مما يتفاعلون مع القرارات الحكومية، ورغم قدراتهم المذهلة التى تظهر فى الشدائد وتحملهم مواقف صعبة مثل الإصلاح الاقتصادى الضرورى، فإن تلك اللجان ومن وراءها يخشون أن تظل روح المصريين عالية وحالتهم النفسية مرتفعة، لأن ذلك يصنع المعجزات ويحرق المراحل وينتقل بالبلد من حال إلى حال أفضل.
المركز الإعلامى لمجلس الوزراء كشف فى تقريره الدورى لرصد الشائعات، 10 شائعات انتشرت فى الأيام الأخيرة، أغربها شائعة توقيع اتفاقية بين مصر والاتحاد الأوروبى على هامش القمة العربية الأوروبية بشرم الشيخ لتبادل البيانات الأمنية، التى تتضمن انتماء الشخص وعرقه وآرائه السياسية ومعتقداته الدينية وعضويته النقابية وحالته الصحية.
طبعا الشائعة المغرضة وليدة كيد النسا من منصات الإخوان وأدوات قطر وتركيا، الذين أحرقهم عدم الوجود فى تلك القمة التاريخية التى حضرها قادة 50 دولة، بينما يعانى أردوغان من عزلة أوروبية ومن رفض لسياساته التوسعية وتطرفه ودعمه للتنظيمات الإرهابية، كما يعانى تنظيم الحمدين فى قطر من المقاطعة العربية ورفض دولى لسياساته وفضائحه السياسية والاقتصادية.
وفى محاولة لتأليب الجبهة الداخلية وإثارة غضب محدودى الدخل ممن يستفيدون من التأمين الصحى، ظهرت شائعة توقف صرف العلاج الشهرى لمرضى السكر من التأمين الصحى، لحين انتهاء حملة فيروس سى، وهذه الشائعة الخبيثة هدفها إثارة المستفيدين من علاج التأمين الصحى وفى الوقت نفسه تشويه الحملات الدورية لكشف وعلاج فيروس سى، لكن وزارة الصحة وعلى لسان الوزيرة نفسها أكدت استمرار صرف العلاج الشهرى لمرضى السكر من التأمين الصحى، وأن أدوية مرضى السكر متوافرة بشكل طبيعى، ويتم صرفها بانتظام بجميع منافذ توزيع العلاج التابعة للتأمين الصحى، كما أن المخزون الاستراتيجى للأدوية الحيوية كالضغط والسكر آمن تمامًا، ويكفى احتياجات المرضى، فضلا عن أن نظام التنبؤ المبكر بالأزمات الدوائية بالإدارة المركزية لشؤون الصيدلة، يعمل على مدار الساعة، للكشف المبكر عن وجود أى أدوية ناقصة، أو يحتمل نقصها خلال الفترة المقبلة.
وفى هذا السياق نفسه الذى يستهدف إثارة الغضب والتشكيك بين المصريين، انتشرت شائعة فرض الحكومة ضرائب جديدة على المواطنين، فى إطار منظومة التشريعات الجديدة التى تستهدفها وزارة المالية، من أجل تعظيم حجم الإيرادات العامة، وبالطبع تم نفى الشائعة لأن أى ضرائب جديدة لا بد أن تخضع لتشريع وموافقة مجلس النواب قبل أن تصبح جزءا من القانون وسياسات وزارة المالية.
ماكينة إطلاق الشائعات ومن وراءها لا يعترفون بالقيم والأخلاق ولا المصداقية، وإنما يختبئون وراء الكيبورد ويطلقون أكاذيبهم التى سرعان ما يضعها المصريون فى مكانها الصحيح، فى سلة المهملات، ويكملون حياتهم بحثا عن لقمة العيش ويبنون بلدهم من جديد بالصبر والكدح والأمل، بينما يعض الأعداء المقهورون على أصابعهم غيظا وكمدا.