من أمين السخيف إلي رئيس الولايات المتحدة الامريكية

كان هناك موظف صغير في مكتب يعمل في مجال براءات الإختراع في سويسرا ، وكان هذا الموظف يعاني منذ طفولته من تلعثم في النطق ، وثقل في لسانه ، ورثاثة في هيئته ، مما جعله عرضة لسخرية وتهكم زملاؤه في مرحلة تعليمه الابتدائي ، فأطلقوا عليه "أمين السخيف" من باب التندر والاستهزاء ، وأينما وجدوه أمطروه بوابل من الألفاظ المسيئة ، فبات منكسراً منطوياً علي نفسه ، يخشى مقابلتهم له ، يبتعد عن تجمعاتهم ، هرباً من خدش نفسيته أو جرح شعوره.

وحينما التحق بالمدرسة الإعدادية كان طالباً عادياً لدرجة أن أحد من مدرسيه لم يتذكر إسمه كطالب رغم قلة عدد التلاميذ آنذاك ، حتى إجادته لمادة الرياضيات لم تكن بشكل ملفت. أي إنه في المجمل لم يكن متفوقاً في أية مادة تذكر. ترك هذا الطالب المدرسة في سن الخامسة عشرة من عمره ، وهاجر مع والداه إلي إيطاليا ، وهناك أهَّلَ نفسه لدراسة الهندسة ، فعاد إلي سويسرا أمَلَاً في دخول معهد متخصص في الهندسة ، ولكن حال مستواه العلمي دون ذلك ، فرسب في امتحان القبول ، حيث إن نتائجه في مواد علم الحيوان وعلم النبات لم تكن علي القدر الذي يؤهله لدخول معهد الهندسة ، فتوجه إلي مدرسة إقليمية لمدة عام كي يحسن من مستواه في تلك المواد ، وبعد عام عاد لتقديم نفسه إلي معهد الهندسة وكانت المفاجأة أنه استطاع دخوله أخيراً ، فدرس علم الفيزياء وتخصص فيه ، وبعد أن تخرج من المعهد لم يحالفه الحظ في دخول مجال التدريس بالجامعة أو العمل كباحث في معاهدها البحثية ، فتقدم لوظيفة حكومية بمكتب براءات الإختراع في سويسرا التي عاد إليها لدراسة الهندسة ، وبوساطة صديق له تم قبوله في تلك الوظيفة.

وفي 2 اغسطس من عام 1939م تلقى رئيس الولايات المتحدة الامريكية "روزفلت" رسالة من "أمين السخيف" طالباً منه تطوير أبحاث الطاقة الذرية التي تنطلق من تفتت نواة الذرة ، وتنبأ في رسالته بظهور القنبلة الذرية قائلاً :
إن هذا الاكتشاف الجديد يمكن أن يؤدي – ولو كان ذلك احتمالاً ضعيفاً – إلي إنتاج قنبلة ذات القوة الهائلة والنوعية الجديدة ، وهذه القنبلة لو استخدمت بواسطة وحدات الأسطول ، فإن إنفجارها يمكن أن يهدم ميناء بكامله وبعض نواحيه.
وطلب من الرئيس أن يستخدم نفوذه لبحث إنتاج القنبلة النووية علي الفور ، وحذر من المانيا التي قد وضعت يدها علي تلك الفكرة وقد بدأت في بحث إنتاج هذه القنبلة بالفعل.

وقال "أمين السخيف" في رسالته إلي رئيس الولايات المتحدة ، أن القتبلة الذرية هي سلاح الجحيم الذي يتولد من ارتباط العلم بالحرب.

وفي نهاية الرسالة سجل توقيعه ، أينشتاين عالم فيزيائي. هذا هو أينشتاين- أمين السخيف- أعظم عالم فيزياء في القرن العشرين ، والذي عرض عام 1905م نظرياته التي قلبت النظريات العلمية الموجودة في ذلك الوقت رأساً علي عقب ، فأثبتت نظرياته واحدة تلو الأخرى ، أن نواة الذرة يمكن تحويلها إلي طاقة ، وهي النظرية التي وضعت أساس القنبلة الذرية.

ومن المثير والمدهش في نظريات أينشتاين هو التوصل للقدرة الحقيقية للمارد القابع في قلب الذرات من طاقة ، فوضع أعظم معادلة رياضية أثبت فيها أن تحول نقطة واحدة من الماء إلي طاقة ، يمكنها- أي الطاقة المنبعثة من نقطة الماء - أن تنقل مليون طن من الماء إلي قمة جبل إرتفاعه عشر آلاف متر.

وأخيراً ... فقد استطاع الطفل المنطوي والصاغِر أينشتاين تغيير مسار العلم والعالم بنظرياته ، ودحض نظريات من سبقوه من علماء. وما من نظرية علمية وضعت منذ التاريخ إلا ولها أضرار ومنافع ، كسكين المطبخ ، تستطيع أن تقتُل بسوء استخدامها ، أو كالإناء الفارغ ، إن ملأته ماءً فهو طهور ، وإن ملأته مسكرً فعليك ضرره.

وبعيداً عن النظريات العلمية ، ومدى مساهمتها في تطور الأمم ونهوضها ، وطرق استخدامها ، تبقى كلمة أخيرة منتقاه من تلك السطور السابقة لرحلة أينشتاين وهي أن الفقر لم يكن يوما عقبة في طريق تقدم البشرية ، أو نكوص الإنسان عن حلمه ، مادامت الأمم أخذت العلم طريقا للتغيير.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;