- لماذا يرسخ الإعلام الغربى لمفهوم الجهاد كما يراه هؤلاء الإرهابيون؟!
لماذا كل هذا الاهتمام من وسائل الإعلام فى كل بقاع الأرض بتفجيرات بروكسل ومن قبلها تفجيرات باريس؟! ولماذا لم تقم الدنيا هكذا بعد أى من التفجيرات فى الدول العربية أو فى أفريقيا مثلا؟!
قد يفسر البعض الاهتمام بضخامة الخسائر البشرية، ولكن الحقيقة أن العالم يتعامل وفقا لمفاهيم مغايرة، فالعمليات الإرهابية يقسمها العالم الغربى وفقا لتعريف مرتكبيها، تارة يكون معارضا أو ثائرا أو متمردا يقاوم قوات الشرطة والجيش للنظام الظالم المستبد، وهنا تغفر له كل جرائمه حتى وإن كانت فى بشاعة ما حدث فى قسم شرطة كرداسة مثلا، وتارة يكون جهاديا تكفيريا يقتل المدنيين الأبرياء كما حدث فى باريس أو بروكسل. ولكن لماذا تصر الكثير من وسائل الإعلام الغربية على استخدام لفظ الجهاديين فى وصفها لعدد من الإرهابيين فى أوروبا تحديدا؟! لماذا يرسخ الإعلام الغربى لمفهوم الجهاد كما يراه هؤلاء الإرهابيون؟!
وإن كان بالفعل مفهوما مغلوطا، فلماذا إذن يصر الغرب على ترسيخه؟! ولماذا نصمت نحن فى العالم العربى أمام هذه الجريمة؟! الحقيقة أن الإجابة واضحة إذا بحثنا عن مصدر تلقين الإرهابيين فى الغرب تحديدا لهذه المفاهيم للجهاد التى يتعلمونها فى ما يطلق عليه المراكز الإسلامية فى أوروبا والممولة من عدة دول عربية وبالتأكيد التعميم هنا مرفوض، ولكن بعض هذه المراكز تتهم ببث الكراهية والدعوة لما يسمونه الجهاد تحت سمع وبصر الحكومات الأوروبية ومنها المركز الإسلامى فى بروكسل، هذا المركز الذى أسس فى عام 1967 وتورط عدد لابأس به من رواده وتلاميذه فى أكثر من عملية إرهابية فى أوروبا التى كان آخرها فى بروكسل ومنهم صلاح عبد السلام الذى يطلقون عليه العقل المدبر لتفجيرات باريس وبروكسل ومن قبله رشيد بخارى الذى أحرق أكبر مسجد للشيعة فى بروكسل إلى جانب عدد آخر تورط فى تفجيرات مدريد وغيرها.
وإذا عدنا بالتاريخ للوراء قليلا سنجد هذا المفهوم للجهاد الذى تم تصديره أثناء الحرب الأفغانية ليظهر ما اصطلح على تسميتهم بالمجاهدين الأفغان والمجاهدين العرب فى أفغانستان والذين كانوا يجاهدون الكفار الشيوعيين حسب تعبيرهم، ولكن حينها كان هذا الجهاد مقبولا من الغرب كله، لأنه موجه ضد عدوهم فى الشرق، الاتحاد السوفيتى آنذاك، ومع أن المفهوم المغلوط للجهاد لم يتغير الآن وكذلك ممولوه ولكن رد فعل الغرب قد اختلف فأصبح هؤلاء الجهاديون الآن إرهابيون فقط لأن العدو تحول من الشيوعيين إلى الصليبيين على حد تعبير الإرهابيين، وبالتأكيد لن أسأل العالم الغربى عن أسباب تناقض مواقفهم فى قبول بل وتغذية هذا المفهوم سابقا ورفضه الآن، لأن الجميع يعلم الإجابة ولكنى أسأل أولا هؤلاء الذين يقتنعون وينفذون، هل وفقا لمفاهيم الجهاد التى تعلمتموها على يد شيوخ الوهابية السلفية؟ هل الصليبيون فقط هم العدو كما تذكرون دائما فى بياناتكم؟! ولماذا لم يعلمكم شيوخكم مثلا أن هناك عدوا أكبر مازال يحتل المسجد الأقصى المبارك بل ويخطط منذ سنوات لهدمه؟! وأسأل هؤلاء لماذا تهبون للجهاد ضد الصليبيين داخل بلدانهم ولا تهبون للجهاد ضد المحتل الصهيونى داخل أراضيكم؟! لماذا لا تمولون لصناعة المجاهدين العرب فى إسرائيل مثلا كما صنعتم المجاهدين العرب فى أفغانستان؟! هل الشيوعية السوفيتية كانت كافرة محتلة لأراضى المسلمين والصهيونية الإسرائيلية مؤمنة صاحبة أرض؟! ألم تتضح الصورة بعد؟! الكارثة ليست فقط فى عقول من يخطط وأيادى من ينفذ بل هى فى جيوب من يمول وأذهان من يخطط.
وأخيرا أسأل كل من له عقل يفكر وعين ترى وأذن تسمع، لماذا تبقى إسرائيل وحيده فى العالم فى هذا الركن البعيد الهادى وسط منطقة تشتعل من داخلها وبأيادى أبنائها فى كل لحظة بنيران الطائفية والإرهاب وتحاط من خارجها بسياج من الاتهامات من الحكومات الغربية والمنظمات الدولية التى تنسى دائما إسرائيل عند توجيه الاتهامات للحكومات العربية التى كان آخرها انتقادات «مراسلون بلا حدود» لمصر التى وصفتها المنظمة بأنها أكبر السجون فى العالم للصحفيين؟ متناسية الركن البعيد الهادى فى إسرائيل حيث يعتقل المئات من الصحفيين ويقتل العشرات منهم ومن الناشطين الحقوقيين وتغلق العشرات من المؤسسات الإعلامية ولكن لا عين رأت ولا لسان نطق.