لقد بشر الله عز وجل الشهداء بالخلود والحياة الأبدية فى الآخرة، فقال تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 169 - 171].
إنها الجائزة الأكبر والأعلى مقاما التى منحها الله للشهداء، الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل وطنهم وعرضهم وشرف أمتهم، والتى من رفعتها وسموها يتمنى كل شهيد أن يعود إلى الدنيا مرة أخرى ليستشهد فى سبيل الله مرات ومرات.
والجائزة الثانية للشهيد هى دخوله التاريخ من أوسع وأفضل أبوابه، وتخليد اسمه بحروف من نور فى سجل البطولات والتضحية والإيثار، بعد أن قدم روحه ودماءه حتى يبقى الوطن شامخا بعزة وكبرياء، ويظل مواطنوه آمنين مطمئنين على أنفسهم وما يملكون.
يوم الشهيد، الذى يأتى 9 مارس من كل عام، هو اليوم الذى خلده تاريخ المجد فى مصر والذى يوافق يوم استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض، على الجبهة وسط جنوده، فى أسطورة تغنت بها الأجيال عن بذل الدماء فداء للوطن ودفاع عن ترابه، حيث لم يتوان عن بث الروح والحماس فى نفوس جنوده وضباطه، فآثر أن يضرب لهم المثل فى الشجاعة وأصر على التواجد معهم على الجبهة، حيث استشهد ليروى بدمائه الطاهرة الأرض الطيبة، وكان استشهاده الشرارة التى انطلقت وكانت دافعا لأبطال مصر، عندما حانت ساعة رد الاعتبار، فاجتازوا خط بارليف المنيع وأذلوا جيش الاحتلال الإسرائيلى وأعطوه درسا فى فنون القتال والشجاعة والتضحية، فكان نصر أكتوبر المجيد.
قصص التضحية والفداء فى سبيل مصر التى قدمها شهداء الجيش قربانا فى سبيل الله والوطن كثيرة ومتعددة، وجميعها تبرز مدى شجاعة وعشق كل شهيد لتراب بلده، وتطلعه إلى الشهادة فى سبيل ترابها وعزتها، والجميع رأى البوستات التى كتبها هؤلاء الأبطال عبر صفحاتهم على السوشيال ميديا، وهم يتمنون الموت ولا يهابونه، ويتطلعون للشهادة فى سبيل الوطن ودفاعا عنه ضد جماعات الشر والإرهابيين.
كثيرة هى الأسماء التى تلألأت فى سماء الشهادة، ممن كتبوا بدمائهم أروع القصص والحكايات التى ستحكيها أجيالا وراء أجيال، فمن ينسى البطل العميد إبراهيم الرفاعى، والعقيد أحمد المنسى، والعميد رامى حسنين، والرائد محمد أحمد عبده، والرائد عمرو خالد حسين والجندى أبانوب ومحمد شويقة، من هؤلاء الأبطال الملازم أول محمد مصطفى الجارحى، ملازم أول عمر عابد عطا، الرقيب مقاتل مصطفى السعيد محمد، جندى مقاتل أحمد محمد عبد الرحمن وطه وجيه أحمد، وغيرهم من شموس التضحية والعطاء.
فتحية إلى الشهداء الأبرار على ما بذلوه من روح طاهرة ودماء نفيسة فى سبيل الحفاظ على تراب الوطن وسلامة أراضيه وأمن مواطنيه، وسلاما عليهم فى كل وقت وحين.