أتعجب من الاهتمام المفاجئ بعدد من إعلاميى العار العاملين بقنوات الإخوان الإرهابية، والتفات الناس لهم بالرفض أو بالقبول وانشغال السوشيال ميديا ببرامجهم وتعليقاتهم ومغالطاتهم الفجة وإصرار العديد من الفضائيات والإعلاميين على خوض معارك كلامية معهم، مما يعطيهم قيمة أكبر بكثير من حجمهم الطبيعى ويروج لبرامجهم وقنواتهم السوداء.. كنت أفضل أن نتجاهلهم ليظلوا على قيمتهم الحقيقية وانتشارهم المحدود، ولكن للأسف نتفنن فى إعطاء القيمة لمن لا قيمة له.. حتى وصل الأمر إلى أن البعض أصبح يعتقد أنهم يرسلون رسائل مشفرة فى برامجهم تحدد العمليات الإرهابية وأماكن وتوقيت حدوثها!!.. بل وخرجت شائعات عن قرار غريب للبنك المركزى بمنع تداول العملات الورقية المشوهة بالعبارات والأختام وقيل إن هذا القرار جاء كنتيجة لنجاح حملتهم فى كتابة جملة عبيطة تؤكد وجودهم وقوتهم فى الشارع المصرى، للأسف نحن الذين نعطى لهم وجودا فى الشارع بهذا الاهتمام الأخرق، فالترويج لهم ولو بالشتيمة والشائعات يقوى من مكانتهم ويوسع دائرة الاستماع لأفكارهم الدموية وقنواتهم الشيطانية التى لا تحمل لمصر إلا الخراب.. لذلك على الإعلاميين والمثقفين وأصحاب الأصوات العاقلة فى السوشيال ميديا أن يتوقفوا عن الاحتكاك بهذه العناصر وأن يفهموا أن تجاهلهم التام هو أفضل السبل للتعامل معهم لأن هذا الصراع قد يكون خطيرا فى تسويق أفكارهم وتوجهاتهم والإيحاء بقوتهم وتأثيرهم، خاصة أن الإعلام المصرى الآن يعانى من ضعف أداء المعارضة.. مما دفع البعض للبحث عن بدائل فى هذه القنوات وهذه الشخصيات الكرتونية التى تلعب لحساب كيانات بائدة وخبيثة وتنفق من ميزانيات ضخمة خصصتها دول خسيسة لا هم لها إلا نشر الفتن بين جموع المصريين.. لذلك علينا أن ننتبه لأهمية إبراز أصوات المعارضة المصرية والأحزاب السياسية المختلفة وأن نفسح المجال للعقول الوطنية التى تنقد الأداء بهدف التقويم وتصويب الخطوات وتؤمن بأهمية استقرار الدولة وما تم من إنجازات، ولكنها تنشد المشاركة بأفكار مختلفة وببدائل متنوعة للوصول إلى نتائج أفضل.. وجود هذه الفئات والعقول المستنيرة فى الإعلام المصرى هام ومصيرى، بدلا من أن يقف الشباب على أعتاب الإخوان متصورين أنهم صوت المعارضة الوحيد!!
لا شك أن مصر تمر الآن بطفرة لم تشهدها من قبل فى عملية الإصلاح الاقتصادى والمجتمعى، ولكن كل برامج الإصلاح لها سلبيات وآثار جانبية، وعلينا أن نفسح المجال وأن نسمع المتضررين والناقمين أو حتى الرافضين لتلك الإصلاحات وأن نكاشفهم بالحقائق وبالبراهين ونوضح لهم التحديات والعقبات ولماذا تم اختيار هذه البرامج والخطط الإصلاحية ونقنعهم بأنها الأمثل للتطوير والتغيير.. وجميعنا يشاهد الرئيس عبد الفتاح السيسى ويسمعه فى مختلف اللقاءات والاجتماعات وهو ينادى بأهمية المصارحة والمكاشفة ويدعو المسؤولين لتوضيح المشاكل على حقيقتها وتوعية المواطنين بالتحديات الاقتصادية والمجتمعية التى نواجهها كدولة ويؤكد على أهمية إقناعهم بموقف القيادة السياسية من هذه التحديات وخططهم للتصدى لها.
أتصور أن الساحة الإعلامية فى مصر تحتاج إلى التركيز على العقول الوطنية المخلصة والمتخصصة فى كل المجالات لتناقش وتنقد وتفند وتتبارى فى تقويم إصلاحات هذا الوطن وتقديم حلول علمية وعملية لحل مشاكله.. عقول واعية تتناقش مع المسؤولين ولا تهاجمهم، تعطيهم من خبرتها وعلومها بلا تشكك فى وطنيتهم وقدراتهم كما يفعل إعلام الإرهابيين.. يجب إظهار أصوات المعارضة الموضوعية الشريفة التى تحاول أن تطرح أوجها أفضل للإصلاح لا أن تسخر من المجهودات التى تم إنجازها أو تقلل من شأنها.. عقول مستنيرة تقدر الأمور على حقيقتها، وتفهم بدقة ما تتكلم عنه، وتعطى بدائل واقعية وحلولا منطقية ويُفتَح النقاش بينهم وبين المسؤولين لتشجيع الناس على المشاركة فى عملية الإصلاح والاقتناع بجدواها وأهمية التضحية للوصول إلى نتائجها المنشودة.. لكن أن يعتبر الإعلام المعارضين والمنتقدين أعداء فهذا خطأ صارخ يغفل طبيعة المجتمعات ومتطلباتها وحرية أبنائها وإحساسهم بالدور والمسؤولية.. فالمعارضة المحترمة فى أى دولة هى الصديق المخلص الذى يساعد على اتخاذ القرارات الأفضل لصالح تقويم خطط الإصلاح والسياسات وليس تحطيم الدولة كما يسعى إعلام الإخوان وقنوات الشيطان، فليتنا نفهم ذلك.