سأل مستنكرا : ما جدوى منتدى الشباب الأفريقى والعربى الذى يقام فى أسوان؟ وبالتبعية ما جدوى ما سبقه من منتديات للشباب المصرى ثم شباب العالم ؟ وعطف على سؤاله هذا بسؤال استنكارى آخر: أليس هذا إهدار للمال العام، والأولى به البلد؟ فى الوقت الذى يتابع فيه العالم مجزرة ستوكهولم التى ارتكبها أحد مأفونى اليمين المتطرف ضد مسلمين عزل فى بيت العبادة، وفى الوقت الذى لم تنطفئ فيه النيران فى أكثر من بلد عربى حولنا، تجد مصر حاضرة بصورة مختلفة، الصورة التى خرجت لمصر تحتاج إلى عمل عشرات السنين من الشغل الدؤوب لوزارات متعاقبة للخارجية المصرية .. مشهد الرئيس السيسى محيطا نفسه بشباب القارة الأفريقية التى تسلمت مصر رئاستها يختزل كل المعانى، وأقول إن مصر تقود بحق محيطها الأفريقى، وفاعلة ولاعب أساسى فى كل المعادلات العربية، الصورة التى خرجت من أسوان فى افتتاح الملتقى الدولى وتصدرت كل وسائل الإعلام تقول فعلا وقولا إن مصر عادت شمسها الذهب، وإننا نسير على درب النجاح.
يكفينى مشهد الريئس وهو يطالب الحضور بالوقوف دقيقة حدادا على أرواح من ذهبوا ضحية للعنصرية والإرهاب فى استوكهولم، ويقول رسالة مصر الراسخة: إننا ضد العنف والإرهاب بكل أنواعه وصوره وأيا كان مرتكبه، يكفينى صور الشباب العربى والأفريقى وكل منهم رسول يتحدث عن روعة مصر والمصريين.. مثل هذا المؤتمر يختصر عمل وزارة السياحة لسنوات.. كل صور المحيط العربى والأفريقى للأسف خراب ودمار، ولكن الله حرس مصر بوعى شعبها وانحيازه لإرادته.
مثل هذا المؤتمر هو صناعة مستقبل وبناء لعلاقات راسخة .. السؤال الذى سؤل بسوء نية كان غرض صاحبه أن يقول إن الفقراء أولى بهذه الأموال، هذا الفكر لا ينفع ليس حتى لإدارة دولة بحجم مصر ولا حتى سوبر ماركت، أتذكر حالة صاحب سوبر ماركت كان أولاده يتعاملون مع البضاعة على أنهم أولى بها من الزبون، فظلوا يسحبون من البضاعة حتى أفلس المحل ولم يجدوا مصدر رزق، صاحبنا هذا لا يعرف أن الإدارة السياسية الجيدة سواء داخلية أو خارجية هى التى تمهد الطريق لاقتصاد ناجح، لن أتحدث عن المحاور المهمة التى تناولها المؤتمر وناقشت مثلا التكامل الاقتصادى الأفريقى والعربى، أو أثر التكنولوجيا المالية والابتكار على القارة أو حتى تلك التى ناقشت آلية أن تكون رائد أعمال ناجح، ولكن يكفى أن من حضر من هؤلاء الشباب هو سفيرك فى بلده وهو خط دفاعك الأول ضد ما يحاك ضد مصر.
المؤتمرات أو المهرجانات المدروسة مثل منتدى الشباب تؤتى أكلها ولو بعد حين، لأنها أشبه بأرض تتعهدها بالرعاية والاستصلاح والرى وبذر البذور حتى تنبت ويشتد العود فى زرعها.
لا يمكن مثلا أن أقول يجب أن نوفر مصاريف استصافة القمة الأفريقية لكرة القدم، لأننا سنصرف فيها عدة ملايين من الجنيهات، هذا قول شائن إذا كان قائله من خريجى الجامعات، لأن المردود الأدبى والسياسى والسياحى من وراء الاستصافة بلا حدود ولا يقدر بثمن.
إن مؤتمر أسوان وغيره من منتديات شرم الشيخ مثلا ليست فسحة والسلام، ولم تكن يوما إهدارا للمال العام، بل على العكس تماما. إنها الأرضية الخصبة التى تعزز صورة الدولة المصرية وتحذب الاستثمارات وتحذب السياحة، ببساطة لو أنك سائح يابانى مثلا وقررت أن تزور منطقة الشرق الأوسط، هل يمكن أن تتردد فى زيارة بلد مثل مصر وهذه هى الصورة المبشرة التى تخرج منها إلى العالم؟
يكفى أن تركب المركب وتعبر صفحة النيل الخالد وتطالعك الوجوه الأسوانية السمراء بيصاء القلوب، أو تستقل «حنطور» فى كورنيشها أو تقوم بجولة نيلية أو تجلس فى سرفة فندقك الذى يطل على النيل لتتأكد أن مصر بإذن الله بخير.