لم توف حقوقها بعد، ولو بعد حين.. سنظل مقصرين، مقصرين تمامًا فى كتابة سطور قصتها العابرة للأجيال ويوم عيدها بعض من العرفان، قليل من الإحسان، بالوالدين إحسانًا.
لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، تستاهل الأم فى عيد الأم امتنانًا وعرفانًا بفضلها وصبرها وإخلاصها وهى تجاهد بجلد الصابرين فى زمن صعب، الأم المصرية عفية عفيفة قوية قادرة وصابرة، وفية لرسالتها على مر الزمان، لله در الكمل الفضليات فى يوم عيدهن، أجمل الأعياد.
عظيمة الأم المصرية من ضلع شعب جبار من معدن نفيس، من سبيكة نادرة من الوفاء والإخلاص والصبر.
الأم المصرية حالة تستاهل التوقف والتبين، توقفا أمام جميلها فوق الرؤوس، وانحناء أمام عظمتها المتجسدة آيات، بنت الأكرمين، الأم المصرية لمن خبر معدنها الأصيل، أصيلة بنت شعب أصيل، تعرف أين تقف فى طريق الحياة، فطرتها سليمة، وبوصلتها واضحة، وأقدامها ثابتة، ورايتها مرفوعة، ورأيها من دماغها، ودماغها ناشفة فى الحق كحجر الصوان، ويترقرق قلبها فيتفجر منه أنهار المحبة، لسانها يدعو وقلبها يستغفر.
أمى الله يرحمها مثل كل الأمهات كانت طيبة حاذقة تميز الطيب من الخبيث، وتحب الحب فى أهله، وتستشعر الكره من أهله، وتأنف الكذابين، وتلفظ المتجبرين، نبيلة بنت نبلاء، شريفة بنت شرفاء، ولاتزال الأمهات المصريات قابضات على جمر الوطن، صابرات محتسبات الزوج والولد فى حب الوطن.
تضرب الأمثال جميعًا، نموذج ومثال، راضية بالقسمة والنصيب والمقدر والمكتوب، وشعارها «اللى مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين»، وياما شفت أحزان يا عين، وأم الشهيد تفرح بالشهيد، فى حضنها تضمه، وتزغرد تزفه إلى الجنان، وتلبس الأبيض فى جنازته، وتتلقى التهانى والتبريكات، لا تنكسر أبدًا.
لا أتحدث عن السيدة المعجزة، بل عن سيدة طيبة قوى، حنينة قوى، شاطرة قوى قوى، زكية جدًا، وعفية جدًا، فك شفرة الأم المصرية يحتاج إلى قراءة كتاب لم يكتب بعد، فك طلاسمها يحتاج إلى قاموس لم يتوفر عليه أحد بعد، وتفكيك حالتها أعتقد يتطلب «كونسلتو اجتماعى»، لأنها كاملة من الكمال ترفض الخطأ والخطية والخيبة القوية، وفى فن العديد قوالة، وفى الأمثال مالها مثال، هى مضرب الأمثال.
مثلها مثل شجرة «توتة» على ساقية تطعم الجائع ويستظل بها الشقيان، وضحكتها ما شاء الله مجلجلة، تزغرد فى وجه الزمان، وتغنى يا صباح الخير ياللى معانا، وإن أحبت عشقت، وإن عشقت تعشق قمر، مفطورة على الصبر، وحزامها على وسطها فى قلب الأرض، ولا عمرها اشتكت ولا قالت آه.
أحسنوا لمن أحسنت إليكم، حسنة لا يتبعها أذى، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان، شتان بين امتنان جيل الآباء وجحود بعض الأبناء، بين احترام الأجداد للأمهات ونفور نفر من الأحفاد من فضيلة العرفان، لا يستويان، رزقنا بنفر من الأبناء الجاحدين لا يعرف فضل الأم، ويتنابز بسب الأم، ويلوك سيرة الأم، ومعلوم «اللى من غير أم حالته تغم»، وقالوا فى الأمثال «اليتم يتم الأم»، وفى عيد الأم قبلة على رؤوس الأحياء منهن، ووردة حمراء على قبور من قضين وهن وجفات على الأبناء.
جيل عجيب وغريب، وكأنهم شياطين، متسلطين على أمهاتهم، فى جاهليتهم يعمهون، للأسف يخرج من بين ظهرانينا «ولاد حرام» يحطون من شأن من رفعتها الرسالة المحمدية إلى عنان السماء، للأسف إهانة الأم على الحوائط الفيسبوكية، وفى المنتديات الشبابية صارت بضاعة يجول بها نفر من الأغوات مازحين لاهين عابثين، ويمعنون بجهل فاضح ويتترون فى وحل أنفسهم، وينصبون أنفسهم قيّمين على أم عظيمة علّمت العالمين.. بوركت سيدتى وبارك الله من أكرمك.