دعوة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيلى على هضبة الجولان السورى المحتلة، ليس خبرًا مفاجئًا مثلما خرج العديد فى عالمنا العربى أو فى أوروبا يرفض ويؤكد أنه يضرب بقرارات المجتمع الدولى والأمم المتحدة عُرض الحائط، وغيرها من هذا القبيل، فى هذا المشهد تحديدًا لن أوجه حديثى إلى العالم الغربى، لأننا يجب أن نلوم أنفسنا نحن العرب بسبب ما وصلنا إليه فى الوقت الراهن بالسكوت المتتالى على ما يفعله الاحتلال فى بلادنا طوال السنوات الفائتة، وانتظار أن يتدخل الأمريكان باعتبارهم أكبر قوى عظمى عالمياً رغم أننا على يقين تام بأنهم «الأب الشرعى» لإسرائيل.
هنا أتذكر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى حلم دوماً فى ظل «العتمة» أن يأتى يوم وتصبح البلدان العربية تعيش حلماً واحداً ويداً واحدة لنكون قوة واحدة فى وقت المحن، حتى يأتى ضوء نهار الأمل، ولا فرق بين مصرى أو سورى أو فلسطينى أو تونسى أو ليبى أو جزائرى أو سودانى أو خليجى، الكل دم واحد و لغة واحدة و أرض واحدة، حقاً إنه حلم جميل سمعنا عنه كثيراً من الأجيال السابقة، أما الآن فوجدنا هذا الحلم يتبخر تدريجياً، وجاء اليوم الذى نجد فيه أبناء الوطن العربى يسقطون فى «فخ» المخططات الغربية للتمرد على الأنظمة الحاكمة خلال السنوات، ولكم ما حدث فى سوريا وليبيا والعراق وغيرهم عبرة.
«يا معلقين ع المراجيح والحبل مستورد فاخر
ليلتنا فاتت زى الريح.. ما هى كل حاجة وليها آخر
بس الحقيقة المذهلة إن الجميع فى السلسلة
وفوق الرقاب يا معلمين.. أحبال قطيفة مدلدلة
أصل الخواجة ابن ماريكا لما بيدخل حواريكا
يا إما ياخدك فى بطاطه يا إما يا ابنى هيأذيكا
حاكم الخواجة ابن ماريكا هو اللى بدع الشيكابيكا
تدخل قفاه عايز تلعب حيرقصك سامبا وسيكا
افتح عيونك فنجلجل.. لكل من جه يتحنجل
أصل الجراد أشكال وألوان.. حاطط على الأخضر بيحش
وبألف ماركة وألف دراع.. وكل يوم بيبدل وش
يا ابن العرب ياللا يا ويكا.. اعرف بقى مين أعاديكا
ده أنت إذا كفوفك ضمّت.. ما حد يقدر يساويكا»
الكلمات السابقة من تأليف الشاعر حمدى عيد، وتغنى بها «الكينج» محمد منير، وهى ببساطة تعبر عن حالنا كعرب أمام العدو الصهيونى تحت حماية الأمريكان الذين نجحوا فى تحقيق هدفهم بنشر الفوضى فى مجتمعاتنا العربية، حتى وصل الأمر إلى التناحر فيما بيننا، وزادت مساحات الخلافات، وبدأنا نقتل بعضنا البعض، وكانت مصر قريبة جدًا من السقوط فى الفخ هى الأخرى بسبب جماعة الإخوان الإرهابية، قبل أن تعيد ثورة 30 يونيو الأمور إلى نصابها الصحيح، والبدء فى التعافى تدريجياً، وهو ما جعل المشهد يختلف جذريًا فى العامين الماضيين تحديدًا بسبب المحاولات الكبيرة التى تبذلها الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، من أجل «لم شمل» العرب، بل والأفارقة للهروب من شبح الإرهاب الاستعمار الفكرى بحثاً عن التنمية الشاملة، وهو بالتأكيد ما ينظر الغرب إليه بشكل مقلق حالياً، ويفكر فى أزمات جديدة لحصارنا لعلمهم أن مصر هى عصب العرب ككل.
اليوم نحن فى أمس الحاجة إلى نتحدث بالأقوال والأفعال حتى نجمع الوطن العربى واستعادة الضمير العربى الذى يغيب عنا حاليا ما أدى إلى التهاون فى حقوقنا، وإعطاء الفرصة للطامعين فى الاستيلاء على هذه الحقوق، فكما يقولون: الجندى الذى يذهب للحرب لابد أن يكون متحمسا لإحراز النصر وليس مرغما بشعارات وهمية ليس مقتعنا بها، فيجب الخروج من «قمقم» الكلام على التضامن والأخوة والمحبة والمصير الواحد فى العالم العربى عبر الأغانى فقط، وتبدأ خطوات «الحلم» الذى ينتظره الجميع بـ«لم الشمل»، حتى نصبح قوى عظمى يخشاها الأمريكان والإسرائيليون وغيرهم من الطامعين فى أراضينا.
الخلاصة تقول: «العرب شعوبا وحكومات فى كل مكان يحتاجون إلى صحوة ضمير تعيدهم إلى مكانهم الحقيقى كأشقاء، بعيداً عن أى شقاق أو خلاف أو هم من الهموم السياسية اليومية، حتى يتخذوا خطوات جادة لتحقيق آمالهم وطموحاتهم فى الحصول على الأمن والسلام والاستقرار».. فمتى يتحد العرب؟!