منذ ظهوره فى بلاط صاحبة الجلالة، عبر منبر الوفد، كصحفى، ثم عضوًا فى الحزب الليبرالى، صار أيمن نور رقمًا صحيحًا فى معادلة «حلم البطولة الزائفة»، وأظهر قدرًا مدهشًا من موهبة التمثيل والتلون السياسى، فاق قدرات مواهب الفنانين الكبار من عينة محمود المليجى وفريد شوقى وعادل أدهم.
ولا تعرف ما هى مهنة أيمن نور على وجه التحديد، هل هو إعلامى، أم محامٍ، أم رجل أعمال، أو سياسى؟ فقد مارى كل هذه المهن، لكن تبقى مهنة «المزور»، بموجب حكم قضائى لا لبس فيه، هى الأبرز، ولا يمكن أن ننسى تزويره وفبركته لسلسلة تقارير صحفية عن التعذيب داخل السجون، إبان عهد وزير الداخلية الأسبق زكى بدر، الذى تمكن من فضحه صوتا وصورة، حيث كان أيمن نور يستأجر أشخاصًا مقابل مبلغ من المال، ويلطخ ظهورهم بلون «أصبع الروج» الأحمر، ثم يصورهم، باعتبارهم ضحايا تعرضوا للتعذيب داخل السجون.
ولم يكتفِ أيمن نور، بهذا التزوير رغم اكتشاف أمره، وإنما قام بتزوير توكيلات تأسيس حزب الغد، واكتشف أمره، وصدر ضده حكما بالسجن 10 سنوات، قبل أن تخفضه محكمة النقض إلى 5 سنوات، ليصبح حكما باتا ونافذا، وتوسل أيمن نور حينها لـ«مبارك» ليفرج عنه صحيا، مدعيا أنه مصاب بعدة أمراض يمكن تودى بحياته لو استمر فى الحبس، وبالفعل أنعم عليه «مبارك»، وقرر الإفراج عنه.
أيمن نور، وبجانب مواهبه الفذة فى التزوير فى المستندات الرسمية، وتزييف الحقائق، كان الخادم المطيع والأبرز للراحل كمال الشاذلى، وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب والشورى، عندما كان «نور» عضوا فى البرلمان فى الفترة من 1995 وحتى 2005 حيث كان يسخره للطعن فى خصومه المعارضين، سواء فى الأحزاب أو حتى السلطة..!!
وما من استجواب أو طلب إحاطة أو حتى سؤال، تقدم به أيمن نور، ضد وزير أو مسؤول، أو معارض، إلا وبإيعاز من الراحل كمال الشاذلى، ويعلم القاصى والدانى، من رفقاء وزملاء أيمن نور تحت قبة البرلمان، هذه الحقيقة، وطلب الإحاطة الشهير ضد الدكتور كمال الجنزورى، دليل دامغ على أن أيمن نور كان مجرد «عروسة ماريونيت» يتحكم فيها الراحل كمال الشاذلى..!!
ولم تتوقف مهارات أيمن نور فى تزوير محررات رسمية، ووقائع تعذيب وهمية، أو كونه مجرد عصا فى يد كمال الشاذلى، لضرب الخصوم والمعارضين، وإنما كان موهوبا ومبدعا فى ممارسة اللعب على كل الحبال، وقدرته العجيبة فى التلون وتغيير جلده الخشن، من الشيوعية وهو طالب، إلى الليبرالية، فى عصر مبارك، ثم ثوريا عقب اندلاع سرطان 25 يناير، ثم إخوانى الهوى والتنظيم، عقب فشل مساعيه بالترشح فى الانتخابات الرئاسية 2012 كونه صدر ضده حكم فى قضية مخلة بالشرف، طمعا فى منصب رئاسة الحكومة، واستمر فى أداء دوره التمثيلى، عندما عارض ثورة 30 يونيو، وهرب خارج البلاد، واستقر فى تركيا.
وفى إسطنبول، كانت فضائحه المهنية تزكم الأنوف، وعدم منح حقوق الشباب العاملين فى قناة الشرق، أمرا موجعا، فهؤلاء الشباب صدقوا الإخوان، وأتباعهم من عينة أيمن نور وسيف عبدالفتاح وغيرهم، وغادروا البلاد، ليستيقظوا على كابوس؛ وعدم قدرتهم على مواجهة الحياة، وبدلا من وقوف أيمن نور بجوارهم، ومساندتهم لتخفيف آلام الغربة، قرر سلب حقوقهم، ولعب «مهتز مطر» دورا مهما فى مساندة ودعم أيمن نور ضد الشباب المضحوك عليه، والمثير للغثيان، أن يخرج أيمن نور ومعتز مطر ومحمد ناصر، على شاشات قنوات الشرق ومكملين وغيرها، ليخطبوا فى الناس، باعتبارهم رسل الحرية، وأبطال إعادة الحقوق المسلوبة لأصحابها.
العاملون فى قناة الشرق، وبعد تشردهم فى شوارع تركيا، عقب قرار أيمن نور إغلاق القناة، قرروا الانتقام، وفضح حقيقة أين تذهب تمويلات القناة، وأصدروا بيانا مدعوما بالصور، ونشرته، حينذاك، وكالة الأناضول، التركية والداعمة لجماعة الإخوان الإرهابية، كشفوا فيه ممارسات أيمن نور وإنفاقه كل التمويلات على ملذاته الخاصة..!!
أيمن نور، يُنصب نفسه، داعية، ورسولًا ومبشرًا بنعيم جنة الحرية والعيش والكرامة الإنسانية، للآخرين، ويطالبهم بالالتزام، بكل قواعد المنظومة الأخلاقية، ثم يحجز مقعدًا حول «ترابيزة» الفجر والمجون السياسى، بكل بجاحة وغلظ عين..!!
نعم، أيمن نور لم يكن يومًا رقمًا صحيحًا فى معادلة، الوطنية الحقة، وإنما رقم مفزع فى لعبة المصالح المقيتة، يلتف حول الموائد العامرة بـ«السوشى»، والفودكا، ثم يبيعون بسخاء الأحلام المغلفة بورق السوليفان الشيك، للبسطاء، عبر منابرهم الإعلامية التى تبث من قطر وتركيا، وعبر العالم الافتراضى الوهمى «فيس بوك وتويتر» ليسرقوا منهم أيام أعمارهم، ويقطفون ثمار السلطة والمال والنفوذ.
الإخوان وكهنة يناير، ارتدوا ملابس الطُهر والتقوى، وطالبوا بأن نكون من ضمن مريديهم ودراويشهم، والطواف حول أضرحتهم، والإذعان لأفكارهم، والاستماع لكلامهم عن الوطن والوطنية، والثورة والشفافية، وعفة اليد واللسان، وترويج مصطلحات من عينة «الثائر» والحرائر والأطهار، والأنقياء، ثم اكتشفنا، أنهم «أقوال لا أفعال»، ويأمروننا بالبر وينسون أنفسهم.
هؤلاء جعلوا من مصر، كرة يتقاذفونها بين أقدامهم، بحثًا عن أهات إعجاب جماهير الألتراس فى مدرجات الدرجة الثالثة «شمال»، وطمعًا فى الاستيلاء على نصيب الأسد من تورتة المغانم، والسلطة والجاه، وذلك على جثة الوطن..!!
ولك الله.. ثم شعب واع.. يا مصر..!!