ذهبت صباح اليوم للبنك الأهلى فرع جامعة القاهرة، فأنا عميلة قديمة فى هذا الفرع، يرجع ذلك من تاريخ دخولى كلية الطب فقد أخذنى والدى رحمه الله من يدى وكان عمرى سبعة عشر عامًا وكان هو من عملاء البنك الأوائل ليفتح لى حسابًا جاريًا أضع فيه شيك منحة التفوق التى لم أكن ذهبت لصرفها فـُرادى، احتفظت بمنحة التفوق والحمد لله حتى تخرجت كما احتفظت بالحساب ذاته حتى يومنا هذا، الخلاصة هو بنك العائلة وبينى وبينه عشرة عمر، أمضيت هناك ساعتين ونصف الساعة؛ مضطرة فقد نفد دفتر شيكاتى فى غفلة منى وكان على استخراج شيك مصرفى بقيمة الضرائب وكان سيستيم البنك ساقطًا؛ لأتابع لأول مرة فى البنك بعد عمر من التعامل حديثًا غريبًا من نوعه دار بين زميلين أستاذين بالجامعة وأحد مديرى الفرع، يقول الأول للمدير هل يصح بعدما بعت كل ما لدى من دولار للبنك بالسعر الرسمى حين أحتاج يورو يمتنع البنك عن إعطائى! فأجاب المدير بخجل شديد "لا.. طبعًا" فتطوع الأستاذ الآخر من فوره قائلاً: للأول "رقبتى سدادة أنا أوفر لك طلبك لكن ليس الآن طبعًا فأنا لا أضع أموالى من العملة الأجنبية بالبنك وحرام عليك أن تفعل وكذلك حرام عليك أن تبيعها هنا! حرام!! فحين فعلت أنا واحتجت بعضًا من رصيدى الدولارى رفض البنك أن يعطينيه بالدولار وقال تأخذ ما يعادله بالجنيه المصرى! لم استطع صبرًا على سماع هذا الإفك فتدخلت قائلة: هذا الكلام غير صحيح وهو الحرام بعينه! الحرام هو ألا تضع أموالك فى البنك لتدعم بلدك كلنا يفعل دولارية كانت أو مصرية وحرام أن نقول خلاف الحقيقة فالبنك لا يتأخر عن إعطائنا من حسابنا ما نشاء وقتما نشاء حسب قواعد البنك وهذا عن تجربة وكذلك فى السفر نستعمل كروت الفيزا التى بالحساب المصرى بالدولار ويتم السداد بالجنيه المصرى محسوبًا بالسعر الرسمى مع زيادة طفيفة قدر عمولة البنك وهذا عدل، إن لم نقف بجانب بلادنا وقت الأزمة من يفعل؟ سنتحمل ونتحمل ريثما نعبر الأزمة جميعًا من أجل مصرنا الغالية" فأجاب الأستاذ الجامعى السودوى: "ومن المتسبب فى الأزمة؟ أليسوا هم؟ هم خربوها وقعدوا على تلها فليرحلوا! " فأجبته: "لا، بل خربها الذى يفجر ويقتل ويرهب المستثمر والسائح فهجرونا وهجروا بلادنا فكسد حالنا خربها من يسىء إلى سمعة مصر ويردد شائعات تضر باقتصادها ويضارب فى العملة ويتسابق على جمعها كى تشح فى البنوك.. دورنا كمواطنين شرفاء أن نتصدى لمثل هؤلاء ونؤدى لبلادنا حقها! نحن أساتذة الجامعة ضرائبنا مقتطعة من المنبع ولكن إذا كنا نمارس أنشطة أخرى إلى جانب عملنا الجامعى كتجارة العملة مثلاً فعلينا أن نعلن عن ذلك وأن نسدد ما علينا من ضرائب كما أفعل أنا الآن عن عملى خارج الجامعة! لم يكن يتوقع هذا الأستاذ الإخوانى تاجر العملة ان أواجهه بهذه الصرامة كما لم أكن أتوقع أنا أن أسمع حوارًا علنيًا بخيانة الوطن هكذا دون استحياء والتحريض ضده بهذه الجرأة وهذا التبجح!! رغم غليان الدم فى عروقى إلا أن رد فعل الأستاذ الآخر الذى سمعته وأنا انصرف وقد جمع شجاعته وأخذ يكرر ما قلته بالحرف صرف عنى بعضًا من غيظى!
خرجت وأنا أضرب كفًا بكف وأقول فى نفسى هكذا ماتت النخوة الوطنية الإخوانى إخوانى مهما طال الزمان تعرفه من خسته وخيانته فى كل مكان.