من حق أى مصرى أن يختلف مع أى سياسات للإدارة السياسية الحالية، طالما أنه لم يخالف قانون ولم يحرض على عنف أو تمييز أو عنصرية أو نشر أخبار كاذبة، لكننا جميعا كمصريين لا نختلف على ماهية الوطن، وهناك مقولة عظيمة للراحل جلال عامر قال فيها: "قد نختلف مع النظام لكننا لا نختلف مع الوطن ونصيحة أخ لا تقف مع ميليشيا ضد وطنك، حتى لو كان الوطن مجرد مكان ننام على رصيفه ليلًا"، وللأسف هناك قلة قليلة من المصريين حاليا اختلفوا على وطنهم وأصبح من العادى لديهم الوقوف مع تنظيم إرهابى ناصب المصريين والدولة المصرية العداء.
أصبح من العادى لديهم تقديم تبريرات للاستقواء بالخارج على الدولة المصرية، أصبح المحرم فى الوعى والضمير الجمعى للمصريين مباح لدى هؤلاء، أصبحت الديمقراطية وحقوق الإنسان "الشماعة" لتبرير الجلوس مع أعضاء الكونجرس أو ماكرون أو غيره من ممثلى المؤسسات الغربية ليطالبوا بالضغوط السياسية والاقتصادية على بلدهم، وصلنا لمرحلة أننا مطالبون أن نوضح البديهيات فى تعريف معنى الانتماء وخصوصية الأمة المصرية التى تتعامل مع أى شكل من أشكال الاستقواء بالخارج كنوع من الخيانة، بالتأكيد لست قاضيا لأحكم على أحد بالخيانة، فهناك قانون وقضاء يقر ذلك، أو كما قال الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب "لو استقوى أحد بالخارج وثبت أنه ارتكب جريمة فقانون العقوبات يعاقب على ذلك ولنترك للقضاء أن يقول كلمته".
أزمة الفنانين عمرو واكد وخالد أبوالنجا الحقيقية ليست فقط فى أنهما جلسا مع ممثلى نواب فى الكونجرس الأمريكى، بل أيضا أنهما قبلا أن يكونا جزءا من تحركات مشبوهة فى الخارج لتنظيم الإخوان، تنظيم وفقا للقانون تنظيم إرهابى، وعليه أى تحالف مع عناصره النشطة فى عرف القانون جريمة، لا أقول أن واكد وأبوالنجا أو حتى عصام حجى إخوان، لكن وقوفهم وتحالفهم مع الإخوان بدرجات مختلفة سواء بالفعل أو الكلمة هو جريمة.
بعض الشخصيات عاجزة فعلا عن تخطى فكرة أن عودة تنظيم الإخوان للمشهد السياسى أو الاجتماعى أصبحت من الماضى، عاجزين عن استيعاب أن الجماعة انتهت فى مصر بلا رجعة، وأن هناك إرادة حقيقية رسميا وشعبيا للقضاء عليها تنظيميا وفكريا، بعض الشخصيات تنسى عمدا وجهلا أن الحكومة المصرية فى ديسمبر 2013 صنفت الإخوان كتنظيم إرهابى، ووضعت التنظيم ضمن المادة 86 المعنية بالإرهاب من قانون العقوبات، والتى تضع أى شخص ينتمى للتنظيم أو يدعمه أو يروج له تحت طائلة القانون، وعليه لا تتعجب من تطبيق هذه المادة على شخصيات لا تنتمى تنظيميا وفكريا للإخوان كالإرهابيين الهاربين معتز مطر ومحمد ناصر، اللذين تم وضعهما على قوائم الكيانات الإرهابية مع 143 آخرين، وذلك لدعمهم الواضح عبر الشاشات والكتابة لكل الأنشطة الإرهابية لتنظيم الإخوان الإرهابى، ولا أعلم لماذا لم يتم أيضا وضع الهارب أيمن نور على قوائم الإرهاب، فهو وفقا للقانون داعم بأشكال مختلفة لأنشطة تنظيم إرهابى، ولا أحد يقول لى أن أيمن نور سياسى ليبرالى، فلندع هذه الجدل السفسطائى ولنطبق القانون على الجميع، أيمن نور تنطبق عليه دون أدنى شك المادة 86 من قانون العقوبات، أيمن نور لو كان مواطنا أمريكيا أو فرنسيا أو بريطانيا وقام بمثل ما يفعله حاليا بدعم مثلا أنشطة "حزب الله" المصنف إرهابيا فى هذه الدول، لتمت محاكمته ووضعه على قوائم الإرهاب.
قد يقول أحد إن عصام حجى عالم مصرى، فأقول له نعم هو عالم مصرى افتخرنا به كنموذج لعالم مصرى شاب ثبت نفسه فى ناسا، وهذا لا ينفى أنه ساذج سياسيا ولا يعى طبيعة التحديات التى تواجه مصر ولا طبيعة الإقليم الملتهب الذى اجتاحته أكبر موجة إرهاب فى التاريخ هددت الوجود العربى نفسه، ومؤكد أن من حقه التعبير عن سذاجته السياسة كما شاء، لكن خطيئته التى لا يستوعبها ولا يدركها أن يكون فى صف شخصيات حرضت فعليا على الإرهاب، ليكتب ما يشاء وينتقد ما يشاء لكن كان عليه أن يفصل نفسه عن شخصيات مصنفة إرهابية بالقانون، نفس الأمر ينطبق على عمرو واكد، فهو فنان مصرى موهوب استطاع أن يثبت نفسه فى السينما العالمية ويشارك نجوم هوليود فى العديد من الأفلام، لكن هذا أيضا لا ينفى أنه ارتكب خطيئتين الأولى باستقوائه بالكونجرس على بلده وتبريره هذا الفعل المشين بعد ذلك، والثانية، بقبوله أن يكون مطية فى يد عناصر تنتمى لتنظيم إرهابى، لدرجة وصلت سذاجته أن يكون فى واشنطن ضمن تجمع لعدد من عناصر إخوانية هاربة، منهم من هو محكوم عليه بالإعدام كأحمد عبد الباسط الذى التقط واكد صورة معه، فهو محكوم عليه بالإعدام فى القضية المعروفة إعلاميا بـ"الخلايا النوعية للإخوان بالإسكندرية"، وخالد أبو النجا هو الآخر، ارتكب نفس الخطيئتين اللتين وقعا فيهما عمرو واكد، وأزمتهما الحقيقية أنهما بسذاجة ظنا أن نقابة المهن التمثيلية والوسط الفنى والسياسى فى مصر يمكن أن يقبل ما فعلوه، أو أن المصريين على منصات التواصل الاجتماعى والإعلام والشارع ممكن أن يكون رد فعلهم مرحب مثلا!!... الأجدر بواكد وأبوالنجا وحجى أن يتواروا للخلف ويعتذروا للمصريين على ما فعلوه من خطايا ستظل تطاردهم طوال حياتهم.