بعد هدوء العاصفة، يحتاج الأمر إلى رؤية موضوعية فيها كثير من التروى والتأمل، عسى أن نهتدى إلى يقين ندرك به ومعه خطوات فعالة على طريق مجابهة تحدياتنا. فقد لقى تعيين الفريق كامل الوزير وزيرًا للنقل ترحيبًا كبيرًا من كل فئات الشعب المصرى، ومعه ارتفعت التوقعات، وصعدت الطموحات إلى آفاق بعيدة، استنادًا إلى تاريخ الرجل الحافل بالإنجازات إذ تولى العديد من المشروعات القومية الضخمة التى حفلت بها رئاسة الرئيس السيسى.
وجاء تعيين الفريق كامل الوزير خلفًا للدكتور «هشام عرفات» المستقيل بشرف إثر حادث محطة مصر الأخير، 27 فبراير 2019، بعد عامين بالتمام من تعيينه فى نفس اليوم عام 2017 ضمن تعديل وزارى فى حكومة المهندس شريف إسماعيل.
ولا شك أن ما تقدمه مؤسستنا العسكرية باستمرار من نماذج وطنية مخلصة على مدى تاريخها المشرف، كان خير حافز للترحيب بالوزير الجديد. غير أننى أود فى هذا المقام إبداء بعض الملاحظات الكاشفة لجملة من حقائق الأوضاع على الأرض.. من ذلك أن:
ــ الحركة النشطة للوزير الجديد بالقطع لافتة بشدة إلى مشروعية الطموحات الكبيرة التى تعلقت بالرجل من اللحظة الأولى لإعلان تعيينه. إلا أن الموضوعية تقتضى أن نعطى الرجل فرصته الكاملة، ولا نتعجل النتائج، ولا نستبق الأحداث، ولندع الرجل يستكشف وزارته وهيئاتها بكل ما تتضمنه من مسؤوليات ومشكلات، بل وهموم وطنية؛ ومن ثم يرتب الأوضاع الداخلية فى وزارته دون ضغوط إعلامية.
ــ الخطأ فادح لو تصورنا أن الرجل لديه الحلول الجاهزة والناجعة والسريعة لكل المشكلات المزمنة التى تعانيها وزارة النقل. فمهام الوزارة ضخمة وفى حاجة إلى مساندة وتفهم من كل مؤسسات الدولة. وفى مقدمتهم قواتنا المسلحة التى أتوقع منها بذل مجهود كبير لإنجاح الرجل فى مهمته الوطنية الصعبة.
ــ ليتنا لا نختصر وزارة النقل فى مرفق بعينه مهما علت أهميته مثل «الهيئة القومية لسكك حديد مصر»، إذ تتسع الوزارة لكثير من الهيئات بمشروعاتها المتعددة، ومن بينها شبكة الطرق العملاقة التى أنفقت عليها الدولة المليارات لتمهد السُبل أمام اتساع رقعة التنمية المستدامة التى تحقق القفزة المطلوبة للاقتصاد الوطنى. وبالمناسبة أتمنى أن تسير عملية تطوير خطوط مترو الأنفاق القديمة بالتوازى مع المراحل الجديدة، حتى لا يصل هذا المرفق الحيوى المهم إلى ما بلغته السكك الحديدية عندما تأخرت عنها عمليات التطوير الحقيقية.
ــ مع كل التقدير للشخصيات التى تولت المسؤولية قبل الفريق كامل الوزير؛ فإن الإشارة واجبة إلى أن الحياة السياسية تعرف أهمية «الشخصية» ودورها البارز فى تحقيق النجاح من عدمه. وأتوقع نجاح «كامل الوزير» فى الحصول على التمويل اللازم لإحداث طفرة غير مسبوقة فى وزارة النقل، خاصة فى الهيئة القومية لسكك حديد مصر. وفى ذات الاتجاه أتصور تجاوبًا وتقديرًا أكثر لجهود الرجل إذا ما طرح حلولًا مُبدعة مُلهمة. سواء فى عمل شراكات مع القطاع الخاص. أو استقدام خبراء أجانب للإدارة أو التدريب، أو استيراد تجارب دولية ناجحة.
ــ لا أحب أن أتصور أن وسائل الإعلام قد تتراخى فى كشف أى سلبيات بوزارة النقل متصورة أنها بذلك تجامل الرجل، والحق أن حجب أى نقد موضوعى أمين مخلص قد يوجه لوزارة النقل فى ظل قيادة الوزير الجديد يُعد قصورًا عن أداء واجب وطنى. ذلك أننى أتصور أن «كامل» الوزير هو نفسه الفريق، رمز وطنى فريد اعتادت قواتنا المسلحة إنتاجه؛ ومن ثم فهو أكبر من هؤلاء، ولا حاجة له بهذه «المجاملة»، قدر حاجته لكل صوت وطنى مخلص. تمامًا مثلما تعيش مؤسستنا العسكرية فى ضمير وعقل وقلب كل مصرى غيور على وطنه دون الحاجة إلى مزايدة من هنا أو هناك.