أردوغان سيفعل كل شىء بالقانون أو ضد القانون ليمنع التغيير فى تركيا، فهو لا يعترف أنه يتسبب فى الكوارث للشعب التركى ولا يشعر أن قبضته الحديدية وعسفه بالمعارضين وقراراته الاقتصادية الفاشلة أدت كلها إلى غضب شعبى مكتوم، ظهر مؤخرا فى انتخابات المحليات التى استطاع خلالها ممثل المعارضة أكرم أوغلو انتزاع الفوز فى أكبر مدينتين تركيتين أنقرة وإسطنبول
لا يريد أردوغان أن يقر بالواقع، ولا أن يعترف بالهزيمة والتسليم بقواعد اللعبة الديمقراطية، فالديكتاتور العثمانى لا يعرف إلا الديموقراطية ذات الاتجاه الواحد، الاتجاه الذى يأتى به إلى السلطة وبعدها، يتم التحكم فى كل شىء بالمخالفة للقانون والدستور بل وتغيير الدستور ومواد القانون وإرهاب رجال القضاء حتى تتم الأمور لصالح الحزب الحاكم.
إسطنبول قلب تركيا ومن يحصل على إسطنبول يحصل على تركيا، هذه عبارة أردوغان الذى يستميت الآن فى محاولة إجهاض فوز حزب الشعب الجمهورى بالانتخابات فى أنقرة وإسطنبول، فبعد إعلان النتائج، اجتمع السلطان العثمانى المزيف مع تابعه رئيس الوزراء بن على يلدريم ووضعا خطة تقضى بالتقدم بطعون فى جميع دوائر إسطنبول مع الترويج لوجود أصوات باطلة هى غير باطلة ووجود أصوات ذهبت لحزب الشعب الجمهورى بينما هى من حق حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتواصل الضغط على اللجنة العليا للانتخابات من قبل الرئاسة التركية والحكومة والحزب الحاكم لإعادة الفرز فى دوائر إسطنبول، وبالفعل رضخت اللجنة العليا للانتخابات للأوامر، ومن يستطيع مخالفة رئيس فصل أكثر من 60 ألف موظف عام من وظيفته ووضع القضاة ووكلاء الادعاء العام وضباط الشرطة والجيش فى المعتقلات بتهمة واضحة محفوظة، هى التعاون مع حركة خدمة التى أسسها فتح الله جولن والتى يصنفها أردوغان بالإرهابية
اللجنة العليا للانتخابات انصاعت للأوامر لأن أردوغان لا يريد خسارة إسطنبول المدينة الاقتصادية المهمة، وقررت بالفعل إعادة فرز الأصوات الباطلة فى 16 دائرة وكامل الأصوات فى دائرة واحد بمدينة إسطنبول بناء على طعون قدمها حزب العدالة والتنمية.
وبينما تقوم اللجنة العليا للانتخابات بإعادة الفرز فى الدوائر السبع عشرة بإسطنبول أعلن الحزب الحاكم فى مخالفة صارخة تصحيح أكثر من 12 ألف صوت لصالحه فى الانتخابات البلدية، مع استمرار إعادة الفرز فى بعض الدوائر الأخرى، وكأن إعلان الحزب الحاكم لهذه النتائج بمثابة التمهيد للشعب التركى أن النتائج النهائية ستظهر استعادة الحزب لمقاليد الأمور فى إسطنبول بعد إعلان حزب الشعب الجمهورى الفوز بها
وفى مواجهة محاولات الحزب الحاكم والديكتاتور أردوغان للضغط على اللجنة العليا للانتخابات لإلغاء نتائج الانتخابات التى سبق وأعلنتها، طالب أكرم أوغلو مرشح المعارضة فى إسطنبول اللجنة العليا للانتخابات بتأكيد فوزه بمنصب رئيس بلدية المدينة، واتهم حزب العدالة والتنمية بعدم احترام إرادة سكان المدينة، قائلا: «نريد العدالة، نطالب بتفويضنا من اللجنة العليا للانتخابات، التى أعلنت الأرقام، بصفتى رئيس بلدية منتخبا لهذه المدينة... العالم يراقبنا، العالم يراقب انتخابات هذه المدينة».
ولكن صرخات ومناشدات ممثل المعارضة أكرم أوغلو يبدو أنها ستذهب أدراج الرياح، فليست المرة الأولى التى يتلاعب فيها أردوغان بنتائج الانتخابات أو بالطابع العلمانى للدولة أو الدستور القائم أو القواعد الديمقراطية، فالديكتاتور لا يعبأ بأن يكتشف العالم تزويره ولا يهتم بأن الانتخابات التركية تحت عدسات الصحفيين الأوروبيين والمتابعين من العالم كله، كما لا يهتم بأن العالم سجل أنه تلقى هزيمة فى أكبر مدينتين تركيتين.
هو يريد أن يظل قابضا على السلطة وفق نظرية الاتجاه الواحد، فإذا لم يتحقق له الأمر بإرادة الناخبين، فليتحقق بأى طريقة أخرى منها التزوير والإرهاب والتهديد والممارسات التعسفية من خلف الكواليس، لكن إلى متى يستمر هذا الكابوس للأتراك؟ هم وحدهم يستطيعون الإجابة بالذهاب إلى صناديق الاقتراع وإسقاط الحزب الحاكم أو الرئيس بفارق كبير يصعب التحايل عليه.