أصدر مرصد الأزهر مؤخرا تقريرا يتناول وضع المرأة فى الإسلام ليؤكد فى التقرير أن المرأة والرجل على قدم المساواة، وأنهما شريكان فى كل شىء فى الدنيا والآخرة، وهو الأمر الذى يمكن تفسيره بأنه رد «شرعى» على فتاوى السلفيين التى تحتقر المرأة وتحط من قدرها، لكن، فى الحقيقة، فإن الحيرة تتملك الواحد إذ يطالع تلك الردود التى يحترفها الشيوخ على بعضهم البعض، وقديما قيل إن اختلاف العلماء «رحمة» لكن بعدما يقرب من خمسة عشر قرنا فإن الواحد قد بدأ فى التشكك فى هذه المقولة بعدما أصبح اختلافهم «نقمة وأزمة» كما أصبحت هذه الاختلافات نواة للأحزاب والفرق التى تتشح كل واحدة منها بالأدلة الشرعية من أحاديث نبوية وأحكام فقهية تؤيد وجهة نظرها ما يؤكد أن طريقة الأحاديث والأحاديث المضادة لم تعد تنفع أو تجدى، وفى قضية المرأة هذه خير مثال على هذا.
يرفض الأزهر الشريف أن يقترب أحد من متون الأحاديث سواء بدراسة السياق أو بإخضاعها لميزان العقل أو حتى بمقارنتها بغيرها من الأحاديث لإثبات ذلك التشتت الواقع بينها، ومع هذا لا يقدم أحد صيغة معقولة لفهم هذه الأحاديث بما لا يتعارض مع العقل، والأزمة أن هذه الأحاديث ليست فى الغيبيات وأنما فى الأمور الحياتية، بما يعنى أنك مأمور بأن تتبع الشىء وعكسه مؤمنا بهما بنفس الدرجة، وهو الأمر المستحيل بالطبع، ففى الوقت الذى يوجد فيه العديد من الأحاديث التى تؤكد أهمية مكانة المرأة فى الإسلام ومساواتها للرجل فى كل شىء، هناك أيضا العديد من الأحايث الواردة فى «الصحاح» تنفى هذه النظرية من أساسها، ومن هذا الحديث الذى يقول: «إنما الشؤم فى ثلاثة: الفرس والمرأة والدار» وهو ثابت فى صحيحى البخارى ومسلم، بينما هناك حديث آخر ينهى عن التشاؤم فيقول «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ» وهو مروى فى البخارى ومسلم والآخر الذى يقول «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ» وهو أيضا مروى فى فى البخارى، فكيف يجعل أحد الأحاديث من المرأة سببا للتشاؤم، بينما ينهى الحديث الآخر عن التشاؤم أصلا؟
حديث آخر يساوى بين المرأة والحمار والكلب ويقول «يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود» وهو أيضا من الأحاديث الثابتة التى رواها الإمام أحمد وغيره وصححها الكثيرون من أهل الحديث، بينما هناك حديث آخر ذكر فى البخارى عن السيدة عائشة إذ تقول: «شبَّهْتُمُونَا بِالحُمُرِ وَالكِلاَبِ؟! وَاللهِ! لَقَدْ رَأيْتُ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى، وَإِنِّى عَلى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَّجِعَةٌ، فَتَبْدُو لى الحَاجَةُ، فَأكْرَهُ أنْ أجْلِسُ فَأوذِىَ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم، فَأنْسَلُّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ» وهكذا نجد أن أحاديث تعارض أحاديث، وأحاديث تنفى أحاديث وأحاديث تستنكر أحاديث، وأنت مطالب بأن تؤمن بها كلها وإلا فسيكون مصيرك الكفر أو السجن.