لافت عروض أسعار السيراميك المتاحة ببخس الأسعار، لا يغبط العارفين ببواطن الأمور، المصانع تنتحر فى السوق أملًا فى توفير بعض السيولة تؤخر إفلاسات تهدد صناعة السيراميك، المشرحة مش ناقصة قتلى، كما يقولون، الصناعة المصرية التى تتعافى بشق الأنفس مش ناقصة إغلاقات جديدة.
ما يحذر منه المهندس شريف عفيفى، رئيس شعبة السيراميك باتحاد الصناعات فى حديثه إلى صحيفة «الدستور» جد خطير، مستقبل هذه الصناعة الواعدة تصديريًا فى خطر، مهددة بالإفلاس تحت وطأة ارتفاع أسعار الغاز!
عفيفى يتحدث بصفته، ولكن الماء فى فم المستثمرين فى صناعة السيراميك يغلق الأفواه على مضض، وعلى أمل، كثير من أصحاب المصانع لجأوا إلى العروض الشعبية التنافسية، تحطيم الأسعار شعار، أملا فى توفير بعض السيولة لاستمرارية خطوط الإنتاج، والحفاظ على سخونة الأفران، والإبقاء على العمالة الكثيفة دون تسريحات متوقعة فى حالة الإفلاسات، التى باتت وشيكة.
أصحاب المصانع صامتون أملًا وثقة فى تحرك عاجل من رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى، لبحث موقف هذه الصناعة المهددة بالإفلاس التام، ومعها تضيع فرصة تصديرية مصرية كانت واعدة، التوقعات إذا تحركت هذه الصناعة محليًا بحلول جذرية لكانت الحصان الأسود فى سياق المنافسات التصديرية عالميًا.
الصمت قد يكون من ذهب، ولكن لن يطول الصمت والإفلاس يدق أبواب صناعة السيراميك، حكومتنا الرشيدة، التى تتوفر على دعم الصادرات جميعًا، وتمول فتح المصانع المغلقة بتوجيهات رئاسية لإتاحة فرص عمل جديدة، وتشجع الاستثمارات الوطنية بحزمة حوافز واعدة سبيلًا لجذب الاستثمارات الأجنبية، عليها أن تقف موقفًا منصفًا من صناعة تعانى وبشدة دون سميع مجيب.
دفتر أحوال صناعة السيراميك يستأهل التفاتة من رئاسة الوزراء المهموم بمصير الصناعة المصرية، وتقدير موقف من وزير الصناعة المؤتمن الدكتور عمرو نصار، دفتر أحوال صناعة السيراميك فى مصر ليس بخاف على مراقب، وليس محجوبًا عن متابع، وأهل هذه الصناعة أدرى بتحدياتها الراهنة.
من المعلومات المحققة والمتاحة أن مصر بها 33 مصنع سيراميك، بحجم استثمارات يُقدر بنحو 15 مليار جنيه، بإجمالى طاقة عاملة فى هذه المصانع يُقدر بنحو 240 ألف عامل وموظف.. بينهم 80 ألفا عمالة مباشرة و160 ألفًا غير مباشرة، لكنها مهددة جميعًا بالتسريح المريع، الذى يعقب الإفلاس المخيف.
مربط الفرس أسعار الطاقة، فهذه الصناعة مصنفة «كثيفة استخدام الطاقة»، وفى هذا قولان ويحتاج إلى مراجعة حقيقية لهذا التوصيف الذى يكلف غاليًا، معلوم مكون الطاقة فى هذه الصناعة «غاز + كهرباء + سولار» لا يتعدى نسبة 10%، وهى نسبة لا تؤهل هذه الصناعة إلى مستوى الصناعات الكثيفة استخدامًا للطاقة كالحديد مثلا.
ترجمة هذا التوصيف حسابيًا، رفع كلفة أسعار حساب الغاز من 3 دولارات إلى 7 دولارات للمليون وحدة حرارية، ومع ارتفاع أسعار الكهرباء وتحرير سعر الصرف، صارت كلفة الإنتاج عبئًا مضاعفًا، يكسر وسط هذه الصناعة، وانتهى إلى تراجع الإنتاج، ما هدد فرصًا تصديرية كانت سانحة، الصادرات المصرية من السيراميك تراجعت عالميًا، تقريبًا خرجت مصر من الأسواق العالمية وخسرت حصتها فى مواجهة السيراميك الصينى والهندى والإيرانى والسعودى والإماراتى، حتى فاقت كلفة المنتج المصرى مثيله الإسبانى.
مديونيات هذه الصناعة إلى الحكومة تحتاج جدولة رحيمة، وتمويلات هذه الصناعة بنكيًا تحتاج إلى دفعة ثقة من الحكومة، ودعوة رئيس الوزراء للاجتماع بشعبة السيراميك باتحاد الصناعات، ضرورة واجبة مستوجبة احتواء لما ينجم عن إغلاقات متوقعة، وهذا يكلفنا كثيرًا من الفرص التصديرية وفرص العمالة، مصر فى حاجة إلى مصانع تفتح فتفتح معها أبواب الرزق فى الوجوه.