وسط أحداث متلاحقة بالمنطقة العربية من الجزائر غربا إلى السودان جنوبا وما بينهما ليبيا الملاصقة والتى تشكل حدودها وما يحدث بها أهمية كبيرة للأمن القومى المصرى .. رغم بعد الجزائر، فما يحدث هناك يحمل رسالة بنهاية عصر الحكام الذين جلسوا على كراسى الحكم طويلا، وما يحدث أيضا يؤكد أن الجيوش الوطنية القومية هى التى تحمى انتفاضة الشعوب، والرسالة الأهم أن الشعب الجزائرى قد تعلم من درس التسعينيات ولم يترك الفرصة للإخوان لركوب الانتفاضة والقفز على كرسى السلطة.. وما بين مصر والجزائر من علاقات تاريخية خاصة فى النصف الثانى من القرن السابق ما بين دعم مصرى حكومى وشعبى لثورة الجزائر، وحتى تحررت الجزائر من الاستعمار الفرنسى، وارتفع العلم الجزائرى الحر فوق أرضها بعد أن قدمت مليون شهيد ثمنا للحرية..
وامتدادا إلى حرب أكتوبر، حيث وقفت الجزائر لا لترد الجميل لمصر، ولكن لتؤكد عروبتها، فكان الموقف الجزائرى العظيم مع مصر أثناء حرب أكتوبر.. ما يحدث إذن فى الجزائر ليس ببعيد عن مصر ونجاة الجزائر من صدمات قطار الربيع الأول لم تكن كافية لحمايتها من موجة أخرى يفكرون فيها للمنطقة العربية، فكان الدفع بالرحلة الثانية من القطار المدمر، ولكن الجيش الجزائرى صاحب القبضة القوية فى بلده استطاع أن يمتص تلك الموجة، وأن يحقق للشعب الجزائرى ما يريد، واتجه به نحو طريق الحرية والتغيير بلا دماء ولا دمار.. الشعب الجزائرى الشقيق أيضا كان يعرف أن ما يريده هو تغيير النظام وليس تدمير البلاد، وهو ما تحقق له بدعم من قواته المسلحة.. ومن الجزائر إلى جنوب مصر- السودان والذى حاولت جماعة الإخوان أن يحولوه إلى مركز تمركز لهم، وكذا دعمتهم قطر، وكانت أغلب رحلات الهروب لقيادات الإخوان تتجه الى السودان وقت حكم البشير، ولكن الشعب السودانى استطاع أيضا أن يواصل تحركه خلال الشهور الأخيرة، ليستطيع، وبعد شهور من الاعتصامات والمظاهرات أن ينجح فى اقتلاع نظام البشير، وكما حدث فى الجزائر كان تحرك القوات المسلحة السودانية ومجلسها العسكرى الأعلى هو الحاسم عندما وقف مع الشعب ليحسم باجتماعه ودعمه حركة الشعب من أجل التغيير ومن السودان التى تمثل أهمية قصوى للأمن القومى المصرى نصل إلى ما يحدث فى ليبيا وتحرك الجيش الوطنى الليبى نحو طرابلس بنية طرد جماعات الإرهاب وتحرير المناطق الغربية من قبضتها ووسط كل هذه الأحداث يأتى الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى مصر ليكون حدثًا مهما ينضم إلى ما تمر به المنطقة من أحداث مهمة ومتلاحقة..
هنا فى مصر واليوم يبدأ المصريون الاستفتاء على تعديلات دستورية حاول الإخوان وقوى أخرى الترويج لعدم أهميتها محاولين شغل الشعب بقضايا مختلفة أو بجرائم إرهابية تكررت على مر الأيام السابقة سواء فى سيناء أو القاهرة فى محاولة لإيهام العالم أن هناك ارتباكا أمنيا وأن هناك رفضا شعبيا للتعديلات وكانت بداية الرد أمس فى الدول العربية أو الأجنبية، حيث توافدت الجاليات المصرية منذ الصباح فى نيوزيلندا وسيدنى وفى كل الدول العربية أو الأجنبية توافدت الجاليات إلى مقار السفارات لتنقل رسالة إلى العالم كله أن المصرى مهما بعدت به المسافات، فالوطن فى قلبه وعقله وأنه يعرف جيدا أن الوطن حين ينادى فعليه تلبية النداء.
الرسالة الأهم من الخارج كانت الموجهة للداخل المصرى.. إخوانكم وأبناؤكم خارج البلاد وفى ظروف عمل صعبة ورغم بعد المسافات بين أماكن الاقتراع لديهم وأماكن إقاماتهم إلا أنهم كانوا حريصين وفى يوم عمل بدول كثيرة أن يصلوا إلى السفارات لتلبية نداء الوطن وأداء واجبهم وحقهم الانتخابى والاستفتاء على التعديلات وليس أمامكم أعذار اليوم القضية مهمة والمطلوب هو التواجد المكثف أمام اللجان.. المطلوب هو الرد على كل شائعة أن المصريين سيقاطعون..
الرد على كل من ردد مقولة أننا لا يهمنا ما يحدث فى بلدنا وأننا شعب سلبى.. الرد أثق فيه وسيكون صاعقا للإخوان. مصر اليوم لن تتشح بالسواد كما يريدون مصر اليوم سترتدى أبهى ثيابها وهى فى عرس ديمقراطى جديد.
سنخرج ليس فقط لنقول نعم للتعديلات الدستورية، ولكننا سنخرج لنقول نعم لتعديلات عديدة تمت فى حياتنا.. ليس فقط الدستور هو الذى يتم تعديله ولكنها حياة امة كاملة عانت كثيرا وبدأ رفع المعاناة .. الرئيس الذى دعا الشعب يوما للعمل، وبدأ هو بنفسه العمل يجب أن نخرج اليوم لنكون بجواره ومعه فى معركة التنمية.. نكمل مشوارا بدأه ونعطى له تفويضا باستكمال ما بدأ.. المسيرة مازالت طويلة أنفاق سيناء وعلى وشك الافتتاح وبناء بئر العبد الجديدة بدأ لتكون رسالة لمن يدعى أن سيناء أو حبة رمل منها للبيع.. الدولة التى تبنى وتعمر لا تبيع أرضها.. العلمين الجديدة قاربت على الانتهاء لتكون إسكندرية جديدة على الشاطئ..
العاصمة الإدارية أضاءت سماءها أنوار الكنيسة والمسجد وفى الطريق أماكن أخرى.. الطرق بمئات الكيلومترات تشق وترصف وتبنى حولها مدن جديدة..
التنمية الشاملة بدأت والنمو يزداد معدله والبطالة يقل معدلها.. القادم أفضل والنفق المظلم سيمتلئ نورا بإرادة الشعب ورغبته فى بناء مستقبل مشرق.. اليوم بداية جديدة لرحلة جديدة نحو المستقبل.. قادرون بأصواتنا أن نرسم ملامحها وقادرون معا أن نكمل المسيرة ونحقق الأمل..