«كذب، ما يتردد أن سيناء جزء من الخطة الأمريكية للسلام غير صحيح بالمرة ونوع من الكذب» هذا الكلام ليس تصريحا من مسئول مصرى يدافع عن سيادة بلاده وسلامة أراضيه، ولكنه تصريح واضح وصريح لجيسون جرينبلات، مبعوث الرئيس الأمريكى للسلام فى الشرق الأوسط، حول ما يتردد على مواقع التواصل الاجتماعى العربية والغربية بشأن ما يطلق عليه «صفقة القرن».
تعرفون طبعا، كيف تتحرك الكتائب الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعى، تكثيف شائعات فى اتجاه معين أو تكريس مفهوم خاطئ أو نشر أطروحات لنشر وجهة نظر مغرضة أو معلومات مزيفة، والهدف طبعا دفع البسطاء للسير فى اتجاه محدد، سواء على مستوى الفكر أو ميدانيا بفعل الغضب والقناعات الزائفة.
«جرينبلات» كان يرد على الطروحات الكثيرة على مواقع التواصل الاجتماعى، وبعضها ذات أصل صهيونى يرى أن الحل للمشكلة الفلسطينية ليس فى الالتزام بالقرارات الدولية ذات الصلة التى تجمع كلها على قيام دولة فلسطينية ذات سيادة على الأراضى المحتلة وفق حدود الرابع من يونيو 1967، ولكنها تستخدم عقل التاجر والمرابى فى الدفع بأن الفلسطينيين هم عرب والعرب لديهم أراض كثيرة ومساحات شاسعة غير مأهولة، فلماذا لا يتبرعون بجزء صغير من أراضيهم لإنقاذ إخوانهم العرب والسماح لإسرائيل المسكينة بالعيش فى سلام!
ولعلكم تذكرون تصريحات وزير الاتصالات الدرزى الليكودى فى حكومة نتانياهو السابقة أيوب قرا بشأن دولة «غزة - العريش» التى أحدثت موجة كبيرة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى كالعادة قبل أن تنطفئ مثل غيرها من الشائعات الموجهة؟ فالوزير الفاشيستى الذى دعا مرارا قوات الاحتلال إلى قتل العرب العزل ورفض فك الارتباط مع غزة وكل إجراءات إعلان السلطة الفلسطينية كمقدمة لإعلان الدولة، كان يدعو بحماس مثل غيره من متطرفى اليمين الإسرائيلى إلى طرح دولة «غزة - العريش» بديلا لقرارات الأمم المتحدة التى حددت حدود الدولة الفلسطينية واعترفت بها.
لكن هل جميع الطروحات الكاذبة التى تنتشر حول سيناء وصفقة القرن من صنيع الصهاينة فقط؟ الإجابة لا، فالكتائب الإخوانية تسعى بجنون لضرب عصفورين بحجر واحد، الأول تشويه الإدارة المصرية الحالية، والثانى التغطية على الفضيحة التاريخية للجماعة ومرسى المعزول خلال توليه حكم البلاد فى 2012.
لا يمكن أن نتناول الأطماع فى سيناء والحديث المرسل حولها على مواقع التواصل الاجتماعى، وكذلك التصريح الأخير لجيسون جرينبلات دون أن نتطرق لثلاثة أمور أساسية، الأول، دور محمد مرسى وجماعة الإخوان فى توطيد أركان مشروع الفوضى الخلاقة وسعيهم لتنفيذ خطة إنشاء دولة «غزة - العريش» بالتعاون مع فرعهم «حماس»، والأمر الثانى سعى الإدارة الأمريكية السابقة إلى تدمير المنطقة العربية ودولها الكبرى المستقرة بما فيها مصر لضمان أمن الدولة العبرية مائة سنة قادمة، والأمر الثالث هو مدى ضلوع تل أبيب فى دعم التنظيمات الإرهابية فى شمال سيناء بالمعدات والسلاح ونقل آلاف المرتزقة إليها لتقويض استقرار مصر وإجهادها فى حرب استنزافية لأطول فترة ممكنة.
بالنسبة للأمر الأول، لابد أن تستعيد الحوار الخطير لمحمود عباس أبومازن، الذى روى فيه تفاصيل لقائه مع المعزول محمد مرسى بعد توليه حكم مصر، فى هذا الحوار الموثق الذى يمكن الرجوع إليه بسهولة على محركات البحث، يعترف أبو مازن أن المعزول عرض عليه دولة فلسطينية ممتدة بمساحة ألف كيلومتر مربع داخل سيناء المصرية وبمباركة الولايات المتحدة وإسرائيل طبعا التى تريد حل القضية الفلسطينية بالتخلص من جميع الفلسطينيين فى الضفة الغربية وإلقائهم فى سيناء.
أبومازن عندما ناقش المعزول فى مبدأ منح أراضٍ مصرية لغير المصريين، رد عليه المعزول بجملته الشهيرة: «وأنت مالك، الفلسطينيين لو عايزين يقعدوا فى شبرا نديها لهم»، لكن الجديد الذى كشفه أبومازن، أن مشروع إسرائيل لتوطين الفلسطينيين فى غزة لم يمت، ومازال قيد البحث والنقاش أو فى الأدراج ينتظر الفرصة المناسبة، لكن قوة وصلابة الدولة المصرية وسعيها للنهوض فى جميع المجالات هو ما يبقيه فى الأدراج، ويدفع المسئولين ذوى الحيثية مثل جرينبلات إلى نفيه، كما يدفع أعداء هذا البلد إلى الاكتفاء بإطلاق الشائعات على مواقع التواصل.